19 سبتمبر 2025

تسجيل

عمان والبحث عن خيارات التمويل

05 مارس 2017

لا تدخر السلطات العمانية جهدا في سبيل معالجة التحديات المرتبطة بتلبية احتياجات المالية العامة. حيثما كان ذلك ممكنا، يرغب المسؤولون الاعتماد أكثر على التمويل الخارجي وبدرجة أقل على احتياطيات الدولة وهي إستراتيجية صائبة. يأتي حجم الثروة السيادية لعمان في المرتبة الخامسة بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد الإمارات والسعودية والكويت وقطر لكن قبل البحرين. تشير أحدث الإحصاءات بأن لدى السلطنة ثروة سيادية قدرها 40 مليار دولار، كما تمثل السلطنة خامس أكبر اقتصاد في المنظومة الخليجية بعد السعودية والإمارات وقطر والكويت. وبصورة أدق، تؤكد الخطة الحكومية إلى تأمين 84 بالمائة من الاحتياجات المالية العامة من خلال الاقتراض المحلي والدولي والباقي أي 16 بالمائة عن طريق احتياطيات الدولة. بالتأكيد، هناك حاجة للبحث عن التمويل بغية التغلب على عجز الموازنة العامة. تفترض موازنة العام 2017 مصروفات وإيرادات قدرها 30 مليار دولار و22.3 مليار دولار على التوالي ما يترجم إلى عجز بنحو 7.7 مليار دولار. يعد مستوى العجز مرتفعا لتشكيله قرابة 25 بالمائة من إجمالي الإنفاق من جهة وأكثر من 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي من جهة أخرى. تشكل هذه الحقائق الثابتة تحديا متواصلا لا يمكن التغاضي عنها. لدى السلطنة تصنيف ائتماني سيادي لا بأس به في بيئة الأسعار المنخفضة للنفط منذ منتصف عام 2014. حقيقة القول، يعد القطاع النفطي بما في ذلك الغاز مهما عبر مساهمته بنحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة وأكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي. ويؤكد هذا الاعتماد على القطاع النقطي على ضرورة تعزيز الإصلاحات الاقتصادية بهدف استقطاب الاستثمارات من المستثمرين المحليين والإقليميين والدوليين. الجدير بالذكر، تحافظ وكالة موديز على نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد العماني. وكانت موديز قد أقدمت على تخفيض التصنيف الممنوح لعمان مرتين في عام 2016 لكن مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة. بدورها، قامت مؤسسة ستاندرد آند بورز في أواخر 2016 بتأكيد المستوى الائتماني لعمان لكن مع تغيير النظرة إلى سلبية بسبب اختلال التوازن للمالية العامة. 84 %من الاحتياجات المالية العامة من الاقتراض المحلي والدوليمن جانبها، مؤسسة فيتش العاملة في مجال الائتمان راضية من انخفاض مستوى الدين العام الخارجي للسلطنة لكنها منزعجة من حجم العجز في الموازنة العامة. لحسن الحظ، تتوقع فيتش تحسن ظروف المالية العامة في السنوات القليلة القادمة على خلفية إصلاح برنامج الإعانات وفرضية فرض ضريبة القيمة المضافة فضلا عن تحسن أسعار النفط في الأسواق الدولية. صحيح عمان ليست عضوا في منظمة أوبك لكنها تكيف سياساتها النفطية مع خطط المنظمة التي تجمع بعض الدول المصدرة للنفط. وحسب تقارير صحفية تسعى عمان للحصول على خيارات متعددة للتمويل مثل بيع سندات بقيمة ملياري دولار وربما أكثر مع فترات استحقاق من 5 و10 و30 عاما. الأمر الآخر عبارة عن استصدار صكوك إسلامية. وربما تحتاج السلطنة لتأمين تمويل بنحو 5.5 مليار دولار في 2017 أي رقم ضخم ما يعني ضرورة استكشاف مختلف الخيارات الممكنة بما في ذلك السندات التقليدية والتمويل الإسلامي والتمويل المباشر مع الأخذ بعين الاعتبار الكلفة. ختاما، يعد ثنائي تأمين التمويل الخارجي والانخراط بشكل متزامن في الإصلاحات الاقتصادية أمرين جوهريين ومكملين لبعضهما. باختصار، يسير الاقتصاد العماني بخطى ثابتة نحو بر الأمان عبر المثابرة في مواجهة التحديات الاقتصادية المتنوعة خصوصا تحدي المالية العامة مثل سد العجز في الموازنة العامة من خلال الاستفادة من مختلف الإمكانات المتوافرة المحلية منها والإقليمية والدولية والمصادر التمويلية المختلفة.