17 سبتمبر 2025
تسجيلتعتبر بعض المواقف الحديثة للجهات العاملة في مجال الائتمان وتحديدا وكالة موديز ومؤسسة ستاندارد آند بورز بخصوص الأوضاع المالية في دول مجلس التعاون الخليجي غير واقعية. فقد قللت موديز من التأثيرات المحتملة لإعادة هندسة الدعم ربما في توجه مستعجل بعض الشيء. كما لجأت ستاندارد آند بورز إلى خيار تخفيض المستوى الائتماني لثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون دفعة واحدة وبالمستوى نفسه، ما يعد أمرا مثيرا وفي توقيت حساس غير مقدر لحركة الإصلاحات الاقتصادية في السعودية وعمان والبحرين. في التفاصيل، جاء في تقرير لوكالة موديز، المعروف عنها التشدد في منح الدرجات، بأن الوفورات المالية التي سوف تحققها دول مجلس التعاون من خلال رفع أسعار الوقود ستكون ضئيلة يصل تأثيرها لحد 0.5 بالمائة لا أكثر أي أقل من 1 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للدول الست في عام 2016.تعتقد الوكالة بأن العجز المتوقع في موازنات الدول الست يزيد عن 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بصورة مجتمعة لعام 2016 بالنظر لهبوط أسعار النفط وبقائها منخفضة. وعليه يعد حجم الوفر محدودا في أحسن الأحوال بالنظر لضخامة التحدي.وربما استعجلت الوكالة في الوصول لهذه الخلاصة لكون سنة 2016 لا تزال في بداياتها وحصول بعض التحسن لأسعار النفط أمر لا يمكن إبعاده. ومرد ذلك محاولات الحد من الإنتاج النفطي كما تجلى خلال الاجتماع الوزاري في الدوحة والذي ضم أربع دول منتجة للنقط وهي السعودية وروسيا وفنزويلا فضلا عن قطر. مؤكدا، معرفة نتائج بعض المبادرات مثل إعادة هندسة الدعم تتطلب وقتا زمنيا. ثم لا يوجد سبب للتركيز على التأثيرات المتوقعة لسنة واحدة أي 2016 مع تناسي الإشارة لما قد يحصل في السنوات القليلة القادمة.كما أن هناك خطوات أخرى تناستها الوكالة تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية مثل الحد من الإنفاق وتعزيز إيرادات الخزانة العامة عبر استحداث رسوم للخدمات الحكومية. الأمر الآخر عبارة عن فرضية بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة في 2018 ما يعني تسجيل إيرادات جديدة ربما لن تكون هينة.التطور الآخر عبارة عن قرار مؤسسة ستاندارد آند بورز بتقليص المستوى الائتماني للسعودية وعمان والبحرين بواقع مرحلتين في تقرير واحد أمر مثير وغير عادي. فقد تم تخفيض المستوى الائتماني للسعودية إلى "ألف ناقص" وعمان إلى "بي بي بي ناقص" والبحرين إلى "بي بي". الدرجة الممنوحة للبحرين هي الأضعف بين دول مجلس التعاون وتقيد عمليات استصدار سندات لأن المطلوب تقديم نسب مرتفعة للفوائد.مما لا شك فيه، يوجد تباين فيما يخص الظروف الاقتصادية للدول الثلاث، فالسعودية هي أكبر دولة منتجة ومصدرة للنفط الخام على مستوى العالم. بدورها، تتبنى السلطنة سياسات اقتصادية محافظة تتناسب وطبيعة ظروفها وخياراتها. أما الاقتصاد البحريني فيعتمد بشكل أساسي على الثروة البشرية المحلية وفي ذلك يتميز. كما أن توقيت قرار الانخفاض الائتماني مثير لكونه جاء في خضم تنفيذ إصلاحات اقتصادية تشمل العديد من الأمور. حقيقة القول، تشترك الدول الثلاث في بدء تنفيذ إصلاحات اقتصادية متنوعة تشمل إعادة هندسة الدعم وإجراء قراءات جديدة لطبيعة العلاوات والمنح المقدمة بقصد التوفير أينما كان ممكنا. المأمول من دول مجلس التعاون السعي لتقطع الشك باليقين هو نشر إحصاءات محدثة وبمصداقية كاملة وليس لأغراض سياسية فيما يخص أوضاع المالية العامة والمؤشرات الاقتصادية. في المقابل، عدم نشر الأرقام بشفافية يوفر الذريعة لمؤسسات الائتمان لاتخاذ قرارات من شأنها النيل من القدرة والفرص والإمكانيات الاقتصادية المتوافرة خليجيًا.