13 سبتمبر 2025
تسجيلسأطلق عليها الوصف التالي: إنها البسمة الحزينة في وجه "الربيع العربي"!يقول لنا الدرس المصري إن الشرعية الانتخابية وحدها لا تكفي، لا في زمن الإخوان أمس ولا في انقلاب العسكر اليوم، ويجب التعلم من التجربة التونسية في أهمية اللجوء إلى خيار التوافق في بناء الدولة بعد قيام الثورة وفي اقتسام السلطة وتوزيع الأجهزة والمناصب. واجهت تونس وهي الدولة التي انطلق منها قطار "الربيع العربي" العديد من التحديات والأزمات التي كادت أن تعصف بمقدرات البلد وشعبه، وتم تجاوز العديد منها في مبادرات تثير الإعجاب، تعود إلى الحكمة في القيادات السياسية والوعي الذي تتمتع به القوى المدنية وحيادية الجيش التونسي ونضج حركة النهضة الإسلامية، الأمر الذي ساعد في عبور تونس إلى محطات صعبة بأمان كلما واجهت إشكاليات مصيرية، مقابل عودة الاستبداد والديكتاتورية في الدول الأخرى. حركة النهضة الإسلامية التي حصلت على الأغلبية واحتلت المرتبة الأولى في انتخابات المجلس التأسيسي استوعبت أنه لا يمكن الاعتماد على عقلية الهيمنة والإقصاء، والاغترار بالأغلبية العددية، منطق الغلبة والشرعية الانتخابية فقط، وأنه لابد من الدخول في خيار التوافق مع القوى الأخرى وخاصة القوى العلمانية المعتدلة التي آمنت بدورها بعدم تقسيم المجتمع وتفتيته والعمل مع الخصوم في بناء تونس الجديدة. لقد كانت هناك قناعة في إرساء الوفاق الوطني في استيعاب كافة التوجهات والتحركات والقوى من أجل تحقيق الانتقال الديمقراطي من دون إقصاء أي طرف. حتى صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية العلمانية أشارات الى أن الدستور التونسي الذي استفتي عليه يشرع حرية الفكر والمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، واعتبرته "ثورة حقيقية" في العالم العربي المسلم، وما لم يكن متوقعا إطلاقا من الإسلاميين؟! اليوم تقدم تونس درسا للجميع، للجار الليبي الغارق في بحر الميليشيات المسلحة، والمصري حول الاستقطاب وإصرار الأطراف السياسية على الإقصاء والعناد والعنف . والسوري الذي تحولت ثورته السلمية إلى حرب أهلية دموية. والعراقي واليمني الذي يقتل أخاه على الهوية والمذهب، والخليجي الذي لم يقتنع بعد بجدوى تفعيل المشاركة السياسية وبناء المجتمع المدني؟! كما نتمنى ألا تكون تجربة تونس استثناء في التاريخ بل نريدها أن تعم كل أرجاء العالم العربي بلا استثناء؟!