12 سبتمبر 2025
تسجيلوسط تجمع ضم دردشة مهنية مع زميلة من زميلات المهنة، تطرقنا بالحديث عن طبيعة ما تميل إليه الأقلام؛ لتتناوله وتكتب عنه، فتتميز عن غيرها، وتصبح معروفة به، فهذا الميل الذي يميل إليه ومعه قلب القلم هو ما يحدد طبيعة صاحبه التي تغلب عليه، وتتغلب على كل محاولاته؛ لمناقشة قضية (ما) تطل من خلالها روحه، دون أن يتمكن من التصدي لها قبل أن تفعل؛ لينتهي الأمر والجمهور المتابع أكثر من يدرك (من كتب ماذا؟)، والحق أن ما يُكتب هو الأهم ويأتي من بعده من كتبه، وهو هذا الأخير من يعطي للأول قيمة تجعله الأكثر متابعة، متى أدرك كيف يتحرر من ذاك الذي يود تحريره بطريقة تميزه عن غيره. لقد بدأت مقالي هذا اليوم بحديثي عن (ميل القلم) الذي يتحكم بكتابات صاحبه وذلك؛ لأننا وقفنا ساعة النقاش على نقطة أساسية وهي تلك التي تناولت الكتابة من باب التملق والتسلق، وهو الفن الذي يجيده كل من يجد مصلحته مع كل خطوة يقوم بها؛ لذا كثيراً ما نجد بأن قلمه يُسلط الضوء على (الاسم) أكثر منه الفعل، فيتكرر علينا دون أن ندرك الإنجاز الذي يحققه ذاك الاسم، وهو ما يجعلنا ننحرف عن مسار ذاك الكاتب؛ لنبحث عن آخر يفعل العكس، أي يتناول الفعل وصاحبه، الذي يفكر بمجتمعه مع كل فعل يقوم به، والحق أني وقلمي نميل لهذا النوع من الكتابة، أي هذا الذي يجعلنا نسلط الضوء على كل من يملك هدفاً حقيقياً يكرس من أجله كل جهوده، ويسخر كل طاقاته؛ كي يخرج بما يفيد به مجتمعه، وهو من ندركه من أثره الذي يخلفه في المجتمع، ويفوح بعبير (إنجازاته) التي تجذبنا إليه كل مرة، وبصراحة هو وكل من هو على شاكلته من يستحق منا متابعة صارمة لكل ما يقوم به وكل ما يفكر به من أجل المستقبل؛ لأنه وإن قبل بأن يعمل خلف الكواليس؛ لتظهر إنجازاته على خشبة المسرح للجمهور، فإننا لن نقبل إلا بتسليط الضوء عليه؛ ليُكشف ويُعرف؛ ويصبح قدوة نقتدي بها كلما رغبنا بمد مجتمعنا بإنجازات مُشرفة تُحسب لنا، وتنضم إلى حصيلة كل ما سبق لنا وأن قدمناه وحققناه في حياتنا. إن ما ورد بغرة هذا المقال هو ما يُمهد لتلك البقعة التي أريد تسليط الضوء عليها هذا اليوم، البقعة التي تشمل الحديث عن صاحب (شخصية) تدرك معنى العطاء، وتعمل دائماً في الخفاء، دون أن تسمح لنا بتسليط الضوء عليها من باب الوفاء، الوفاء للعمل بقصد العمل، الذي يسعى إلى تحقيق الأهداف، دون تسليط الضوء على من يقوم بها، حيث ان الترويج بالنسبة لها كخطوة تلحق بالأهداف التي تحتاج لمن يروج لها من باب التعريف بها، بينما القائم بها فهو آخر من يفكر بذلك، والدليل أن هذه الشخصية التي أود التحدث عنها مستندة بحديثي إلى تجربة شخصية وفرت فرصتها مهام العمل الصحفي، تعمل ومنذ أن تولت منصبها في عزلة نسبية عن النشاط الإعلامي؛ لأنها وكما ذكرت سلفاً لا تفكر إلا بما ستقدمه للمجتمع وتحديداً (فئة الشباب)، التي تحتاج لطاقة فكرية هائلة توازي طاقتها وحيوتها، فهي بحاجة إلى خطط تستوعب كل أحلامها كفئة مُقبلة على الحياة، وتدرك كل حاجاتها؛ كي تلبيها، تماماً كما هو الحال مع هذه الشخصية التي قدمت الكثير، ولازالت تسعى إلى ما هو أكثر، فكان آخر ما قد قامت به وقدمته هو الخروج بفكرة حيوية انصبت ضمن قالب شبابي جمع الطاقات دون أن يبعثرها، وذلك من خلال ورشة مسرحية وهي (إعداد الممثل) التي كانت نتيجة مصاهرة جهود قطرية لأخرى عمانية خلال مدة تجاوزت الأسبوع، وخرجت بنتائج عظيمة لفن عريق، وبأداء مسرحي متألق يُبشر بمد الساحة المسرحية بطاقات مؤثرة ستثري المجتمع بمن يملك القدرة على تحريك دفة الإصلاح والتغيير للأفضل طالما أنها تسير ضمن المسار السليم، والحديث عن المسرح الذي يعرفه البعض بالمسرح (النظيف). لقد تحدثت عن نتائج ورشة (إعداد الممثل) التي جاءت مُلبية لتلك النظرة الثاقبة التي تدرك تماماً ما ستكون عليه الأمور لاحقاً، دون أن يُمرق قلمي اسم صاحب تلك الشخصية، التي تُحملني وفي كل مرة على التطرق إليها بكلامي، وأعني السيد عبدالرزاق الكواري مدير إدارة الأندية والمراكز الشبابية بوزارة الثقافة والفنون والتراث، الذي لازال ولآخر مرة اجتمعنا به فيها من أجل حفل الختام يصر على عدم تسليط الضوء عليه بل على تلك الإنجازات التي حُققت من أجل الشباب، وهو ما نختلف عليه دائماً، خاصة وأنه من يُعطي وبجودة لا يأتي بها غيره ممن يخطف الأضواء وإن لم تكن من حوله فقط؛ كي يصرخ ويقول: فعلت وفعلت وليته قد فعل ما يُذكر. شخصية عبدالرزاق الكواري هي الشخصية التي تتصدر كل الشخصيات التي تعمل وبجد في الخفاء، بقصد تحقيق الإنجازات الحقيقية لا الوهمية، فإن كنت تعمل وتنجز؛ لتقدم لمجتمعك نتيجة تفخر بها وكل من حولك، فأنت عبدالرزاق الكواري، وأنت من تستحق بأن نُسلط الضوء عليك، وإن وجدت من حولك من يحرص على عدم تحقيقك لهذه الغاية، التي يسرني وفي المقابل بأن أحققها لك، وهو ما سيكون إن أدركت هذه النصيحة التي سيختم بها قلمي هذا المقال لهذا اليوم فإليك: لابد وأن تدرك الفرق العظيم بين من يكتب؛ ليتسلق ويتملق، وهو من ستجده وقد تركك وحيداً مع إنجازاتك دون أن يلتفت إليك مهما بلغ حجم ما تقوم به، ما لم تنفعه بشيء، وبين من يكتب؛ ليتعلق بكل من يرغب بتغيير مجتمعه للأفضل بفضل ما يقوم به ويقدمه لنفسه ولغيره من الناس وذلك؛ لأنك وإن فعلت فلن تضيع وسطها إنجازاتك، ولن تضيع منك إنجازاتك دون أن يدركها أي أحد. همسة أخيرة تذكر بأن تبادر بالتعريف عن نفسك، فلا عيب في ذلك؛ لأن منا وبيننا من يبحث عن قدوة يقتدي بها، ويقتبس منها قصة نجاحها؛ كي يتقدم بما لديه دون أن يُقلصه الخجل أبداً. وأخيراً فليوفق الله الجميع، وليرحمك الله يا أبي.