12 سبتمبر 2025
تسجيلالثقافة هي مرآة عاكسة لهويات أمم العالم، إذ لا أساس للهوية دون ثقافة تشكل قاعدة تنظيمية لها تتأسس عليها تلك الأحكام والمعايير والضوابط السلوكية والقيم الإنسانية الكونية المتماهية مع القيم المحلية، بنى الفكر الإسلامي معايير الحوار والشورى، وخلق مساحة للحوار حول القضايا جميعها، مما يعكس جمال الإسلام وانفتاحه، والدليل على ذلك، أنزل الله في الصحابية خولة بنت ثعلبة التي جادلتْ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في أمر زوجها ولكل نساء المسلمين قرآنا خالدا قضى على آفة كانت سائدة ومنتشرة في المجتمع العربي الجاهلي، وفي بدايات الإسلام الأولى وهي آفة الظهار. عُرفت خولة بالجرأة في الحق، وبلاغتها وفصاحة لسانها والتقوى والخوف من الله، وتلك الصفات تعكس لنا التصور الإسلامي للمرأة، والتي تنهض بنفسها ومجتمعها من داخل منظومتها الدينية والثقافية. واليوم ومن قطر، الوطن الرائد في التغيير والابتكار والمُحافظ على هويته، وامتدادًا لرؤية صاحبة السمو الداعمة لتمكين الأجيال القادمة بالمعرفة والامل، افْتُتِح مركز يلبي الاحتياجات الدينية والتنموية والاجتماعية للنساء المسلمات في المدينة التعليمية عبر التدارس والتحاور وأداء العبادات معا في فضاء يسترشد بالموروث الثقافي للإسلام من خلال مركز يحمل اسم (المجادلة). الجدل أصل التطور وما هو إلا ضمان تبادل الخبرات والمعارف ما بين الأجيال وبناء القدرات للأجيال الحالية والمستقبلية لذلك تم إطلاق هذا المشروع الذي يهدف إلى تشجيع الباحثات عن مكان يُمكّنهن من توسيع وإثراء جميع مناحي الحياة وبناء مجتمعات قائمة على التعلم إلى جانب الباحثين والأكاديميين ممن يبحثون عن مساحة للتداول حول القضايا الإسلامية التاريخية المعاصرة وإنشاء مسارات جديدة وأوسع لمشاركة أعمالهن في مساحة مصممة هندسيا بطريقة منفتحة وراقية. تمنياتي الصادقة أن نواصل جهودنا لإبراز ثقافتنا من خلال هذه المبادرات والمشاريع التي تعكسان هويتنا باعتزاز، فالإسلام هو دين الحوار، ولكنه الحوار المتكافئ القائم على إرادة الفهم وإرادة العلم وإرادة التعايش بعيدًا عن مختلف الآراء السياسية والاجتماعية والنفسية والفكرية. والمراد من الحوار في الخطاب المعاصر هو الوصول إلى نقاط ارتكاز مشتركة بين المتحاورين تؤسس لتفاهم أكبر على المستوى الحياتي والثقافي والنشاط الإنساني.