17 سبتمبر 2025

تسجيل

الكساسبة.. وازدواجية المعايير

05 فبراير 2015

جاء إعدام تنظيم داعش للطيار الأردني معاذ الكساسبة صادما ومروعا، مهما كانت المبررات، ومخالفا لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي حث على معاملة الأسرى بالحسنى، فقد أوصى صلى الله عليه وسلم الجيش الإسلامي: "لا تقتلوا صبيا ولا امرأة ولا شيخا كبيرا ولا مريضا ولا راهبا ولا تقطعوا مثمرا ولا تخرجوا عامرا ولا تذبحوا بعيرا ولا بقرة إلا لمأكل ولا تخرقوا نحلا ولا تحرقوه"، وذلك قبل أن تؤسس الأمم المتحدة بأربعة عشر قرنا، واعتبر الإسلام "الأسرى من الفئات الضعيفة التي تستحق الشفقة والإحسان والرعاية، مثل المسكين واليتيم، ويوجب معاملتهم معاملة إنسانية، تحفظ كرامتهم، وترعى حقوقهم، وتصون إنسانيتهم"، كما قال الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ولقد شدد الإسلام على حفظ النفس، حتى جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الحق في الحياة أهم من حرمة الكعبة ذاتها، ولكن الواقع الآن أضحى مخالفا لأدنى درجات الاتباع للأوامر والنواهي وبات الحرص على المصالح هو عنوان كبير للعلاقات الدولية، دون مراعاة لحقوق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة. إن جريمة داعش بحق الكساسبة لن تخدم سوى أعداء الدين والأمة، وستشوه حتما ما يسعى إليه علماء الأمة لبيان سماحة الإسلام أمام غير المسلمين، والذين تستهويهم الدعاية الصهيونية الخبيثة في أوروبا والأمريكتين خصوصا، وهي بكل حال لن تخدم هذا التنظيم إلا في كثرة الحانقين عليه بين شعوب الأمة. إن العالم مطالب- كما تؤكد قطر دائما- بالتكاتف جنبا إلى جنب لمواجهة التطرف والإرهاب، مع تحديد واضح للإرهاب بكل صوره، وألا تقتصر المواجهة على فئة دون فئة، أو مجموعة دون أخرى، أو دولة دون دولة، كما يجب إسقاط المصالح التي تشوه المبادئ الإنسانية ليكون الإنسان هو القيمة الوحيدة التي يسعى لحمايتها، بدءا بإدانة الإرهاب الصهيوني، الذي حرق آلاف الأشخاص في حربه ضد غزة، مرورا بجرائم الانقلاب والسيسي في مصر وحرقه لآلاف المدنيين المسالمين في رابعة والنهضة وغيرها حتى الآن، ووصولا لبشار وعصابته الذين يحرقون الأطفال والنساء والشيوخ بالبراميل المتفجرة والأسلحة المحرمة دوليا، فكلها جرائم ضد الإنسانية ومرتكبوها مجرمون بحق الدين والتاريخ والإنسانية. على العالم الحر أن يدين الإرهاب أينما وجد وبكل طريقة ارتكب، وعلى يد أي شخص أو دولة أو عصابة نفذ، ليكون العالم أكثر أمنا وديمقراطية دون ازدواجية المعايير التي تنخر في النظام الدولي المعاصر.