15 سبتمبر 2025
تسجيلالدولة العميقة "Deep State" مقاربة لفكرة "دول داخل الدولة"، اشتهر المصطلح بشكل معاصر في تركيا لوصف الدولة التي لا يراها الناس ويسمعون عنها، وتعني الجيش والقضاء والإدارة والمؤسسات (البيروقراطية والاقتصادية والإعلامية) ذات المصالح والأجندات الخاصة والتي تقوم بالدفاع عنها وعرقلة العملية الديمقراطية. وفي العالم الغربي يستخدم مفهوم "الدولة العميقة" لوصف السلطة التنفيذية التي تعمل سرا باعتبارها جزءا من الدولة، وتقوم بأعمال وعمليات غير مشروعة وبشكل سري، وإذا ما ظهرت هذه العمليات السرية للعلن، لا أحد يتحمل مسؤوليتها، وبهذا المعنى فإن "الدولة العميقة" عادة ما تواجه مشكلة تتعلق بالشرعية، ويتم حل هذه المشكلة عن طريق إبقاء عملياتها سرية. وتكمن الأجندة السياسية للدولة العميقة في الولاء للمصالح، ويتم توظيف العنف ووسائل الضغط الظاهرة والمخفية للتأثير على النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية لضمان تحقق الأجندات الخاصة ضمن الإطار الديمقراطي ظاهرياً لخريطة القوى السياسية. يشكل مفهوم الدولة العميقة -كما تشير الباحثة إسراء احمد - تطورا تاريخيا لمسيرة الانقلابات في العالم، و يقسم الانقلابات إلى نوعين رئيسيين: الأول، الانقلابات العسكرية التقليدية، مثل تلك التي كانت سائدة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية أثناء حقبة الحرب الباردة، وتتسم بعنصر التغيير المفاجئ وليس التغيير التدريجي للقوانين، إلى جانب استخدام القوة أو التهديد باستخدامها. والنوع الثاني، انقلابات ما بعد الحداثة، وفيه تقوم الحكومة التي جاءت إلى السلطة عبر الوسائل الديمقراطية تدريجيا بتقويض المؤسسات الديمقراطية للحفاظ على استمرارها في السلطة بشكل دائم. وقد أوضح ستيفن كوك أن السمة المميزة لانقلابات ما بعد الحداثة أنها أكثر دهاء، فهي لا تعتمد على القوة والعنف بالأساس، بل تعتمد على مؤسسات الدولة غير الرسمية في تحقيق أهدافها.الدولة العميقة في العالم العربي تختزل كل الإشكاليات، في القدرة على صناعة (كانتونات) ينمو فيها الفساد ويتحول فيها المفسدون إلى أبطال وقادة وحكام؟! الدولة العربية العميقة استطاعت ولزمن طويل وما زالت لديها القدرة في القضاء على المطالب المشروعة وكسر عجلة الإصلاحات والتحوّل الديمقراطي، واستهداف ومواجهة كل القوى الوطنية والشبابية والمجتمعية التي ترفع شعارات التغيير في الشارع منذ انفجاره في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وحتى العراق اليوم. ولكن الأيام دول والتغيير قادم لا محالة، والوقت هو الحكم في عمر الشعوب والدول وان كانت أعمق من العميقة؟ ومعول الهدم هو فضح الدولة العميقة أينما وجدت وكيفما تشكلت!!