17 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد القطري واستراحة مقاتل

05 فبراير 2012

يتوقع صندوق النقد الدولي بتراجع النمو الفعلي للناتج المحلي الإجمالي القطري أي المعدل لعامل التضخم إلى 6 في المائة في العام 2012. طبعا، يقل هذا المستوى من النمو مقارنة مع ما تحقق في العامين 2011 و 2010 وتحديدا 19 في المائة و 17 في المائة على التوالي. يعود هبوط النمو الاقتصادي بشكل جوهري إلى قرار السلطات بتعليق تطوير مشاريع جديدة في القطاع النفطي حتى العام 2015. ويمكن تفهم هذا الأمر بالنظر للحاجة لتعظيم الاستفادة من التقدم الذي تم إحرازه فيما يخص إنتاج الغاز الطبيعي والمشاريع المرتبطة بهذا التطور. وقبل الخوض في بعض التفاصيل المتعلقة بالقطاع النفطي، لا بأس الإشارة إلى سبب آخر وراء تراجع النمو الفعلي وهو مضاعفة متوسط التضخم من 2 في المائة في 2011 إلى 4 في المائة في 2012. ومرد ارتفاع التضخم تعزيز النفقات في الاقتصاد القطري في القطاعين العام والخاص فضلا عن تنامي القدرة الشرائية للمواطن القطري والزائر على حد سواء.على سبيل المثال وليس الحصر، يبلغ متوسط دخل الفرد في قطر نحو 100 ألف دولار سنويا أي الأعلى في العالم على الإطلاق. وكان لافتا قرار السلطات في شهر سبتمبر 2011 بزيادة مستوى رواتب المواطنين العاملين في الوظائف المدنية بنسبة 60 في المائة وضعف هذا الرقم للعسكريين من ذوي الرتب المتقدمة. وشملت هذه الزيادات النوعية المتقاعدين من المواطنين العسكريين منهم والمدنيين. وكما يقال، فإن الخير يعم بالنظر لاستفادة العديد من الدول الواقعة في قارة آسيا من الأداء النوعي للاقتصاد القطري. فحسب الإحصاءات المتوافرة، يشكل المواطنون نحو 20 في المائة أي أقلية السكان. فضلا عن رعايا جنوب آسيا مثل الهند، تبين لنا خلال زيارة حديثة لقطر حالة استقطاب للمواطنين الفلبينين حيث باتوا يشكلون نحو 10 في المائة من السكان. من جملة الأمور، يتميز رعايا الفلبين بالتفاني في العمل من جهة والرغبة في الصرف من جهة أخرى.بدورهم، يقوم العمال الوافدون بإرسال أموال إلى ذوبهم وأحبتهم في بلدانهم وبالتالي تعميم الفائدة. فحسب أرقام حديثة صادرة من البنك الدولي، بلغت قيمة الأموال المحولة من قطر حوالي 6 مليارات دولار في العام 2011 ما يعد رقما ضخما قياسا بمستوى مصروفات الدولة. مؤكدا، يضاف لذلك مسألة تعزيز النفقات العامة بنسبة 25 في المائة إلى 38.5 مليار دولار للسنة المالية 12-2011 والتي سوف تنتهي نهاية شهر مارس. وليس من المستبعد أن تساهم ظاهرة رفع نفقات القطاع العام فضلا عن رواتب المواطنين وبالتالي مستويات نفقاتهم إلى تسجيل نمو أعلى مقارنة مع توقعات صندوق النقد الدولي. وللتذكير، تم افتراض متوسط سعر محافظ لأقصى درجة لمتوسط سعر النفط في ميزانية 12-2011 وتحديدا 55 دولارا للبرميل أي تقريبا نصف الرقم السائد في الأسواق العالمية الأمر الذي يفسح المجال أمام ارتفاع الإيرادات والنفقات. لكن ما يميز قطر عن سائر دول مجلس التعاون الخليجي هو أن دخل النفط الخام يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية لإيرادات الخزانة العامة بعد الغاز. لا شك، يعود جانب حيوي من التقدم النوعي للأداء النوعي لقطاع الطاقة في ظل الزيادة المضطردة لإنتاج الغاز. تبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر 77 مليون طن سنويا مقارنة مع 54 مليون سنويا في العام الماضي. وحسب تقرير لأحد البنوك، تجد قدرة لتعزيز مستوى الإنتاج إلى 120 مليون طن سنويا في العام 2012 لكن يبدو ليس خيار الجهات المسئولة في الوقت الحاضر كما أشرنا لذلك سلفا. يشار إلى أن قطر تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، تماما كما هو الحال مع السعودية بالنسبة لتصدير النفط الخام. وقد نجحت قطر في أخذ مكان الصدارة من أندونيسيا قبل عدة سنوات بل وعززت من صدارتها. تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران، لكن يسجل لقطر نجاحها في استقطاب شركات غربية وخصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. استنادا لتقرير متخصص لشركة (بريتيش بتروليوم)، تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 23.9 و 15.8 في المائة و 13.5 في المائة على التوالي. بمعنى آخر، يبلغ حجم الاحتياطي القطري المكتشف من الغاز أكثر من 25 تريليون متر مكعب. يضاف لكل ذلك، القرار الصائب بإطلاقها خطة خمسية للتنمية للفترة ما بين 2011 حتى 2016 ما يعد ترجمة فعلية لتطبيق رؤية قطر 2030 . وفيما يخص الشق الاقتصادي من الخطة، يتوقع أن تبلغ قيمة الاستثمارات الحكومية والمؤسسات التابعة لها نحو 125 مليار دولار خلال السنوات الخمس. ويشمل هذا الرقم 60 مليار دولار مخصصة للصرف على مشاريع البنية التحتية الأمر الذي من شأنه المساهمة في تهيئة البلاد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022. وفي كل الأحوال، من الإنصاف توقع بقاء مستويات النمو مرتفعة قبل وبعد فترة زمنية لاستضافة قطر فعاليات كأس العالم 2022 وذلك للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط. فهناك حديث عن استثمار أكثر من 100 مليار دولار على مختلف المرافق المرتبطة بالمونديال من منشآت رياضية وفنادق وخدمات متنوعة. ختاما:هناك حالة من الشمولية فيما يخص الأداء النوعي للاقتصاد القطري بدليل تسجيل فائض قدره 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية السنة المالية 11-2010. أيضا، بلغ حجم فائض الميزان الجاري للعام 2011 قرابة 28 في المائة للناتج المحلي الإجمالي. باختصار، ما يحدث للاقتصاد القطري عبارة عن قصة نجاح لتجربة تنموية.