06 أكتوبر 2025

تسجيل

الإنسانية بين الذكاء الاصطناعي والفطري ( 6 )

05 يناير 2021

إن الدماغ البشري هو أساس الذكاء الفطري، وهذا ما أشرت إليه في مقالي رقم (1) من ان التعلم العميق هو أبرز مظاهر الذكاء الاصطناعي، والذي يرتكز على شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، ولطالما مثل الدماغ البشري سراً حير العلماء طويلاً، اذ يتميز هذا الجزء من الجسم الذي يقع داخل جمجمة محصنة بقدرات هائلة تمكنه من القيام بأعمال حسابية فذة، ومن الإبداع والفهم بطرق لم يسبق لها مثيل في الكون المعروف، وكل ذلك باستخدام قدر من الطاقة يكفي لتوهج مصباح كهربائي بقدرة 20 واط، وحيث تمكن الإنسان اليوم من تحقيق طفرات كبيرة في فهم الدماغ البشري، واكتشف ان خلايا الدماغ يمكن ان تتجدد، وحيث يتسم الدماغ البشري بقدرات هائلة، اذ يصل وزن دماغ الانسان نحو 1.50 كجم، أي ما يعادل نحو ثلث وزن دماغ الفيل وخمس وزن دماغ حوت العنبر، وذلك ما ذكرته اخصائية الأعصاب البرازيلية سوزانا هيركولانوهوزيل من جامعة فاندر بيلت بولاية ينسيتي الأمريكية التي استحدثت طرقاً جديدة لحساب الخلايا العصبية، ووصلت إلى أن لدى البشر 86 مليار خلية عصبية، وان ذلك يمثل عاملاً رئيسياً في تفوقنا المعرفي وان القدرة الحاسوبية الهائلة التي تقدمها الخلايا العصبية الموجودة في القشرة الدماغية، والتي يصل عددها الى 16 مليار خلية من المحتمل أن تكون العامل الذي يساهم بشكل حاسم في هيمنتنا المعرفية، وهذا ما حاول الباحث ايثان سولومون من جامعة بنسلفانيا بتبسيط مفهوم الفكر بقوله "ما تمثله عملية التفكير بالنسبة لي أنها ببساطة عملية تحويل المدخلات الى نتائج بواسطة الدماغ". وهناك نظرية تسمى نظرية الأنماط الادراكية التي وصفها الباحث ستيفن كوسلين من جامعة هارفارد، حيث يقول كوسلين اننا جميعاً نستخدم كل أجزاء أدمغتنا طوال الوقت لكن هناك من يعتمد أكثر على الأنظمة الدماغية العلوية أو السفلية بعض الشيء، ويؤثر هذا بالتبعية على سلوكياتنا، وأن بمقدورنا الاستفادة من هذه المعلومات بتوظيفها في آليات التعلم العميق والذكاء الاصطناعي التي يمكنها من تقديم تنبؤات دقيقة حول السمات الشخصية للشخص، استنادا إلى التصوير العصبي للدماغ، وأنه وفقاً لآخر منشورات الأبحاث الطبية التي ذكرت أنه من العجيب أيضاً أن يتحول الدماغ إلى خلية من النشاط خلال النوم أيضاً، وأنه بمجرد فقدان الوعي يبدأ الدماغ العمل على جميع المهمات مثل طرد الجزيئات السامة (الفضلات)، وتنظيم مستويات الهرمونات، وبناء الأحلام والتي يعتقد أنها توفر بيئة آمنة لمحاكاة سلوكيات جديدة من شأنها مساعدة المرء خلال فترة يقظته بأرشفة بعض التجارب لاستحضارها في وقت لاحق وأن الخلايا العصبية داخل الدماغ البشري لا تتوقف عن العمل إلا عند الموت. وللمقال بقية الأسبوع المقبل. ‏[email protected]