15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إذا شئنا الولوج في الفرضيات المتعددة والمتنوعة التي تحيط بنشوء (تنظيم الدولة الإسلامية) وهي على كل تعددها وتنوعها، كل منها لا تبدو بلا أرضية تدعمها في الواقع الإقليمي والعالمي بنسب متفاوتة، فإننا حتماً سنصاب بحيرة كبرى. فإنِ افترضتَّ أنها صنيعة إيرانية-سورية-روسية-صينية (نظرية طوق النجاة للنظام السوري) هدفها فك العزلة الإقليمية والدولية عن النظام الحاكم في سوريا بدعوى أن التنظيم إرهاب إسلامي يحمل أيديولوجية سنية امتدادية من (القاعدة)، فأنت لم تذهب بعيداً في افتراضك، فقد وضحت الغاية من ذلك الهدف بترميم علاقات سوريا-النظام الحاكم مع عدد من البلاد العربية وهو تغير أو تطور نوعي. لأن النظام السوري بمعاونة الروس والإيرانيين و(حزب الله) والتيار الشيعي الحاكم في العراق والصينيين بشكل أو بآخر وكل حسب أسلوبه ونفوذه أقنعوا العالم أن النظام السوري يحارب الإرهاب، مثله مثل ما يُعرف بالمجتمع الدولي بقيادة أمريكا ولذلك لابد من الوقوف مع النظام السوري ضد الإرهاب الذي يشكله (تنظيم الدولة الإسلامية.).وإنِ افترضتَّ أن إيران بالتحديد (سواء كان التنظيم صنيعتها أو صنيعة غيرها أو صنيعة نفسه)، كرست لدى الغرب (وهو الأهم) مفهوم أن الإسلام الشيعي ليس إرهابيا، بل هو ضحية وبالتالي لاحظنا (رغم النفي الإعلامي العلني) اصطفافاً إيرانيا مع التحالف الأربعيني بقيادة أمريكا ضد (تنظيم الدولة الإسلامية) من خلال قصف طائرات إيرانية لمواقع التنظيم في داخل العراق قبل شهرين تقريباً (بصرف النظر عن تنسيق مسبق مع أمريكا) واقتناع الغرب بأن الشيعة مستهدفون مثلهم وكغيرهم من المقاومة السنية أو الإرهاب السني الذي يمثله بشكل رئيسي (تنظيم الدولة الإسلامية) فأنت أيضاً لم تذهب بعيداً في افتراضك. وإنْ أنت افترضتَّ أن إنشاء (تنظيم الدولة الإسلامية) هدفه تحييد العداءين السنيين الرسميين (على الأقل) والشعبيين (إلى درجة ما) لكل من الدول أو التنظيمات الشيعية والعداء لإسرائيل وتصوير أن (تنظيم الدولة الإسلامية) هو العدو الأوحد الآن للعالم العربي السني والشيعي معاً ولذلك لابد من شن الحرب عليه، فأنت كذلك لم تذهب بعيداً في افتراضك. الذي يكرس أو يؤكد مثل هذه الفرضية دراسة أصدرها المركز القومي للبحوث الإستراتيجية الصهيوني في (تلَّ أبيب) مفادها أن (إنشاء أو نشوء تنظيم الدولة الإسلامية) وحد "إسرائيل" من خلال الغرب أي بصورة غير مباشرة أو مباشرةً مع الشيعة، ولاسيَّما (حزب الله) وإيران، لمحاربة (تنظيم الدولة الإسلامية) وبالتالي إبعاد إمكانية (وهي فرضية أيضاً) أن يشن (حزب الله) حربا جديدة على "إسرائيل" وإبعاد شبح التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل بسبب فرضية وجود أسلحة نووية لدى إيران (وهذه أيضاً فرضية). أعرف جيداً (وهذه ليست فرضية، بل حقيقة) أن إيران كانت قلقة منذ إنهاء نظام (صدام حسين) السني في العراق من اعتبار الحكومات العربية السنية والسنَّة العرب إيران هي العدو الأول (وليس "إسرائيل") للعالم العربي، ولاسيَّما بلدان الخليج العربي. المستشار الثقافي الإيراني في (الدوحة) قال في اجتماع لي معه في مكتبه: إن "إسرائيل" والغرب بقيادة أمريكا (بنسب متفاوتة) وبإيعازات من (الإيباك) وردهاتها (لوبياتها) المنتشرة في أوروبا وفي كل مكان من العالم مهتمة باستمرار إيجاد عداء طائفي بين السنة والشيعة لكونه بديلاً عن العداء لإسرائيل. هذه (الفرضية) يمكن أن ترقى إلى حقيقة ملموسة في الواقع بَيْدَ أن جهاتٍ محددة سنية وشيعية وصهيونية وغربية وغيرها أرادت أن تخلق عدوا آخر للاثنين، للسنة والشيعة، وفي الوقت نفسه لإسرائيل وللغرب وهو (تنظيم الدولة الإسلامية) الذي يكره كثير من السنة المعتدلين تطرفهم السلوكي الذي يرون فيه تشويهاً للإسلام أمام العالم، وهذه أيضاً فرضية أخرى موجعة. إذن خارج كل تلك الفرضيات والتخرصات أين تكمن الحقيقة، حقيقة (تنظيم الدولة الإسلامية)؟، هل هو ذاتي الإنشاء والتشكيل مستفيداً من المعادلات الإقليمية والدولية، أم أنه صنيعة؟الاتهام الروسي أمس للولايات المتحدة الأمريكية بأنها تدعم (تنظيم الدولة الإسلامية) ضد نظام أو مؤسسة (بشار الأسد) الحاكمة في سوريا، يمكن أن يكون صحيحاً، بَيْدَ أنه ليس يعني بالضرورة تحالفاً أمريكيا وغربيا مع التنظيم أو رضا عنه بقدر ما قد يبدو مجرد (تقاطع مصالح) بين الغرب بقيادة (أمريكا) والتنظيم لإضعاف روسيا وحلفائها في سوريا، وما أشبهَ الليلةَ بالبارحة! ألم يدعم الغرب بقيادة أمريكا (تنظيم القاعدة) والجهاد الأفغاني الذي خرجت من عباءته (حركة طالبان؟)، كان ذلك حتماً في إطار (تقاطع المصالح) نفسه الذي يبدو جليًّا في الأزمة السورية. السؤال المتبادر للذهن، هل سيعيد تاريخ الصراع مع الغرب في (أفغانستان) نفسه في سوريا والعراق وامتدادات أخرى في العالم العربي ربما؟، بمعنى هل ستتقاتل (حركات المعارضة المسلحة ضد النظام السوري، سواء التي تقاتله متحدةً أم تلك التي تقاتله بأشكال أخرى) ضد بعضها البعض بعد (فرضية احتمال سقوط النظام السوري) كما فعلت فصائل الجهاد الأفغاني بعد انسحاب قوات (الاتحاد السوفييتي) السابق، إذ تقاتلت قوات الشمال بقيادة الراحل (أحمد شاه مسعود الملقب بأسد بانشير) ضد قوات الجنوب بقيادة (برهان الدين رباني؟). وهل سيتحول (تنظيم الدولة الإسلامية) إلى عقبة كؤود أمام الهيمنة الإمبريالية الأمريكية الغربية في العالم العربي على غرار ما فعلته (طالبان) في (أفغانستان)، إذ أذاقت حلف (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الهزائم تلو الهزائم على مدى أربع عشرة سنة والتي أعلنت قبل أيام فقط هزيمة (الناتو) في (أفغانستان) وسيطرتها على المشهد الأفغاني رغم وجود حكومة منتخبة في (كابول) مدعومة من الغرب بقيادة (أمريكا) وهي حكومة لا تعني أي شيء لحركة (طالبان) المصرة على العودة للحكم، كما تعلن ذلك دائماً في بياناتها.يبدو أن السيناريو نفسه أو ما هو قريب منه أو شبيه به يسير في الاتجاه نفسه في خضم فرضيات الصراع بين (تنظيم الدولة الإسلامية) والغرب. إذن لنعُد إلى الافتراض حول أن كل ما يجري في العالم العربي من صراعات وثورات مضادة وفوضى (غير خلاقة) وليست (خلاقة) كما أرادت لها أن تكون (كونداليزا رايس) وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة أو (السُّبْقى).وعلى رأس كل تلك الصراعات والفوضى وضرب عمليات الثورات الشعبية العربية بثورات مضادة هو الصراع المسلح (المؤدلج) بين (تنظيم الدولة الإسلامية) وأمريكا بحلفائها في (التحالف الأربعيني)، كل ذلك من أجل "إسرائيل" أن تبقى هي الأقوى. إذا بدت هذه الفرضية معقولة، إذن الآن يتم تسويق فكرة أن (الإسلام) الذي يمثله (تنظيم الدولة الإسلامية) هو العدو الأول وحتى الأوحد للعالم العربي وليس "إسرائيل". فهل يا تُرى سينطلي هذا التزييف الهائل للحقائق – بصرف النظر عن درجة اتفاقنا أو اختلافنا مع التنظيم- على الشعوب العربية التي تجاوزت بوعيها (نتيجة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد) أنظمتها الحاكمة؟.