13 سبتمبر 2025
تسجيللم تبقَ للسعودية هيبةٌ في نفوس العرب والمسلمين بعد سلسلة من السياسات الكارثية لولي عهدها. ونحن لا نتحدث هنا عن جريمة القنصلية، ولا الجرائم الأخرى كحرب اليمن، وحصار قطر، وانقلاب السيسي في مصر، وحفتر في ليبيا، وإنما عن الدور الذي تقود فيه المملكة لتصبح درعاً يحمي الكيان الصهيوني، وتهديداً للأمتين العربية والإسلامية. ولو كان لديه مستشارون يمتلكون الحد الأدنى من القدرة على التخطيط واستشراف المستقبل لنصحوه بأن تكون سياساته في مستوى مكانة بلاده كحاضنة لأقدس بقاع الأرض، لكن مستشاريه هم سعود القحطاني وتركي آل الشيخ وأشباههما الذين يتعاملون مع أخطر القضايا بصبيانية ورعونة وانعدام بصيرة، ولذلك لم يكن ممكناً له أن يخرج من الأزمات الهائلة لسياساته خلال السنوات الثلاث الماضية. ❶ الجولة العربية لولي العهد: كانت بدايتها في الإمارات، حيث قام ولي عهد أبو ظبي باصطحابه لزيارة نادٍ ليلي، فحطم بذلك أيَّ أمل لإمكان ترميم صورته كخادم مستقبلي للحرمين الشريفين، وجعل المسلمين يشعرون أن الديار المقدسة ستكون عرضة لتهديد مباشر من قائد لا يبالي بالحدود الدنيا للالتزام الشخصي بالإسلام ولو ظاهرياً. ولذلك، فإن جولته انتهت فعلياً في الإمارات، ولم يعد ممكناً له أن يجني ثماراً من زياراته لسواها. ففي مصر، كان السيسي يدرك أن وجود ولي العهد سيكون عامل إثارة للمصريين المطحونين بالاستبداد والحرمان، فلم نجد تلك المظاهر الاحتفالية مدفوعة الثمن التي اعتدناها في القاهرة، ولم تستمر الزيارة أكثر من ساعات. أما في تونس، حيث يوجد سقف حريات مرتفع، فإن الشعب استقبل الزيارة بمظاهرات حاشدة تطالب برحيله، وتنادي بوقف التطبيع مع الكيان الصهيوني. وهو نفس ما جرى خلال زيارته لموريتانيا، وبصورة أقل خلال زيارته للجزائر. إن هذا الرفض الشعبي العربي هو مؤشر خطير على أن السعودية فقدت مكانتها كلياً، ولن يجدي استرضاؤها للحكومات في استعادتها. ❷ اجتماعات قمة العشرين: حيث ظهر فيها ولي العهد وحيداً معزولاً، وحتى حين كان بعض رؤساء الدول المشاركة، أو رؤساء حكوماتها، يلتقون به فإنهم برروا ذلك بأنهم تعاملوا معه بشدة بشأن قضية خاشقجي أو حرب اليمن، مما يعني أنهم يدركون حجم الخطر على شعبيتهم في بلادهم من اللقاء به. وهذا الأمر يعني أن التعامل معه في المستقبل سيكون ابتزازياً، أي أن القبول به سيكون مرهوناً بما يقدمه لمصالح دولهم ولو كان ذلك على حساب مصالح المملكة نفسها. وبمعنى آخر، فإنه أصبح المشكلة للسعودية وليس طرفاً فيها يمكنه تقويم الاعوجاج وإصلاح الخلل. ❸ تجار الدين: فبعد عقود كان لعلماء السعودية فيها دور عظيم في ترسيخ مكانتها عند الشعوب، تحول هؤلاء العلماء أنفسهم إلى عوامل تحطيم لتلك المكانة عندما تبين للجميع أنهم مجرد موظفين طبالين يصمتون عن نصرة الحق، ويتغافلون عن انتقاد الباطل. ولذلك، كانت تغريدات العريفي والمغامسي وعايض القرني، وسواهم من تجار الدين الذين انشغلوا بمدح ولي العهد والثناء عليه، سبباً في إثارة النقمة الشعبية عليهم وعلى قيادتهم. أما عبد الرحمن السديس فإنه لم ينبس بكلمة عندما انتشرت صور زيارة ( المُحدَّث المُلهَم ) للنادي الليلي بأبو ظبي، فكان صمته دليلاً جديداً على انهيار المؤسسة السعودية للاتجار بالدين، وفقدانها لشرعية وجودها. ❹ الذباب الإلكتروني: الذين كانوا، كالعهد بهم، أشخاصاً بلا ثقافة، ولا أدب، ولا يمتلكون حساً عربياً إسلامياً، بل يتزودون من الحظائر التي يرعاهم فيها دليم القحطاني بكل ما يسئ لمكانة وتأثير بلادهم. ونحن لا نتحدث عن انتشارهم الوبائي في تويتر فقط، وإنما في اليوتيوب، و في مشاركاتهم الهاتفية المسفة بالبرامج الحوارية بالفضائيات العربية. إنهم يشكلون القوة المدمرة الهائلة التي تعمل ضد بلادها نفسها. ◄ كلمة أخيرة: يخبرنا التاريخ القريب أن بداية السقوط الفعلي لمعمر القذافي كانت عندما أضاف كلمة (العظمى) لبلاده، ولكن أكثر الناس لا يتعظون. [email protected]