28 سبتمبر 2025
تسجيلهنا.. هنا دمشق.. مدينة مغسولة بالريح والأمطار .. منذورة للعشق .. توسدت في الليل قاسيون .. تدثّرت بالبرق. أميرة الضباب في الشتاء.. وراية الربيع والحبق .. وقهوة الحجاز في الصباح.. ونشوة القلق .. فسبح"باسم ربك الذي خلق" .. ثم استعذ به "من شرّ ما خلق" .. دمشق مهرة ناريّة الأظلاف .. بريّة النزق .. رأيتها في مهرجان الليل .. تعدو وتعدو كيفما اتفق .. والليل والفرسان يركضون .. في الحبر والقرطاس والأرق .. والموت في دمشق وجبة يوميّة كالخبز والزيتون .. والحب في دمشق .. يمشي كما الهواء بين الناس .. يا من رأى دمشق .. تبحث عن يزيد .. والليل والفرسان يسألون .. عن آخر النفق .. في المشهد الجديد. أصرخ بالسياب يا سياب.. ألا ترى دمشق .. لكنه يظل في سكونه .. مغرورق الدموع والنشيد .. والناس في عيونه .. غرقى بنار الصدق .. "أصيح بالخليج يا خليج" .. هنا.. هنا دمشق .. مدينة الرياح والردى .. "فيرجع الصدى .. كأنه النشيج" .. هنا..هنا الردى .. فينهض السياب من رقاده .. ويضرم الإيقاع في القصيدة .. هنا..هنا تلوّحُ الحياةُ للنساء .. ولم يُقَل للطفل حين نام .. " بأن أمه التي أفاق َمنذ عام .. فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال .. قالوا له: "بعد غدٍ تعود.. لابدّ أنْ تعود ". هنا..هنا رأى الصغير بيتة دريئة في القصف والحصار .. هنا..هنا دمشق .. هنا تحاصَر الأزهار .. هنا..هنا دمشق .. هنا..هنا تعلّم الطلاب كيف يرفع الحمام رأسه في ساحة الإعدام .. كي ما ينام القتلة .. ليلة في الشام .. وتعبث الرياح بالحكاية الجديدة .. فترسم الطغاة خاشعين .. بين يدي إمام .. كخبرٍ في أوّل الجريدة .. هنا..هنا تعلّم الطلابُ ما النزوح؟ يا خيبة الجغرافيا .. نأتي ولا نروح .. وسبعةٌ في خيمةٍ .. لعلّهم نيّام .. والشفق المذبوحْ .. يلوّن الخيام .. قالوا لهم بعد غدٍ نعود .. ونجمع المحصول والأغاني .. والبرد والشتاء والمطر .. حكاية الصغار كلّ يوم .. مطر.. مطر .. لا تقصف الخيام يا مطر .. رحماك يا رباه .. لا تنزل المطر .. ففي الخيام تمكث الطفولة .. وتورق المأساة في الخبر. وكان يا ما كان .. يا أيها السوريّ في متاهة الخلود.. تأبّدت أوجاعنا .. كنجمةٍ في نصّه الليليّ .. كالوجع الموعود .. كالوتر المنسيّ في خاصرة الكمان .. يقول ملء جرحه..هنا..هنا دمشق .. مدينة الرياح والردى .. فيرجع الصدى .. هنا..هنا دمشق.