13 سبتمبر 2025
تسجيلإن لكُل إنسان نصيبا من الخير وبنسب تتفاوت مع غيره من البشر وذلك وفق ما قدره له الله عز وجل وحكمته في ذلك سبحانه، فما بين السعادة والحزن نِعمة، وما بين الفقر والغنى نِعمة، وما بين الصحة والمرض نِعمة، وما بين الرزق بالأبناء وعدمها نِعمة والكثير من ذلك ومنها ما نعلمه من النِعم بوضوحها ومنها ما لم نعلم من النعم أو نكون غافلين عنها وتكون هذه النِعم غير ظاهرة ولكنها متواجدة في حياتنا اليومية كعمل أعضائك الحيوية مثل الكلى بواجباتها الوظيفية وغيرها الكثير وبما لا يُحصى وذلك فضلاً من الله عز وجل. ان قصور النظر الى النعم التي يمتلكها الإنسان هي أكبر عدوٍ له، فحين تجد أن البعض رزقوا بمنصب وظيفي مرموق يتطلع له الكثير ولكنهم يفقدون لذة ذلك المنصب بسبب النظر إلى أشخاص آخرين في منصب وظيفي أعلى مما تُسبب تلك النظرة إحباطاً شخصياً ينعكس على الشخص وحياته وعلى أدائه لعمله. قد يقضي الشخص إجازته الصيفية في الخارج فضلاً بما انعم الله عليه من استطاعة لذلك السفر وعلى الرغم من ذلك فإنه ينظر إلى غيره في رؤية أفضلية جهة إقامة الغير أو صرف الأموال بشكل أعلى منه أو بركوب سيارة فارهة وإشغال النفس في ذلك مما قد يكون هذا الانشغال أمرا لحرمان ذاته من متعة السفر وأمرا لتغلغل الإحباط لذاته فيفقد مُتعة السفر ولأمر قد لا يتحصله أبداً ! والكثير من هذه الشؤون التي نراها في حياتنا اليومية هي في وضع إما عدم الاكتراث بها والمُضي قُدماً في حياتنا الاعتيادية وأهدافنا المستقبلية وإما هي محط اهتمام ومُتابعة فهي بذلك تتحول إلى التأثير السلبي في حياتنا وتصبح العامل الرئيسي في فقداننا للاستمتاع بالنعم التي نمتلكها. قالها أحد الشباب المشهورين في العالم العربي بما يقدمه من برامجه التوعوية والتثقيفية والتي تستهدف فئة الشباب في الغالب وهو الأخ (أحمد الشقيري) حيث تحدث عن الانبهار المبالغ فيه بحياة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعية ورغبة الكثير أن يعيشوا حياة هؤلاء المشاهير من سفر وسعادة يرسمونها في مقطع لا يتجاوز دقائق معدودة وهي لا تمثل واقع حياتهم اليومية بل صورة يريدون أن تشاهدوها دون العلم بما هي حياتهم خلف تلك الشاشة والهموم التي يعانون منها، فلا تتمنى أبداً وجودك في مكانهم فلا تعلم أن كنت في وضعهم هل باستطاعتك تحمل ما يعانونه من ألم أو هم يقض مضاجعهم أو مرضٍ أهلكهم من تعب وسهر لا يظهرونه لكم. ومن الخطورة أن تُقاس حياتك بحياة الآخرين وانتقاء الجوانب التي تسرُك منهم، فتبحث عن المال في شخص والزوجة في شخص آخر والأبناء في أحدهم فيصبح لديك مخزون إحباط كبير يجعلك في وضع سيئ للغاية من الناحية النفسية وعدم الرضا عن الذات وعدم تقبل ما قُدر لك والعياذ بالله وفقدان ماهو مُنعمٌ عليك من الله عز وجل وضياع كل تلك اللحظات التي كان من الأوجب منك تقديرها والاستمتاع بنعمتها. كما أن كل ما تبحث عنه من الكمال لن تجده لدى أي شخص مهما علا شأنه وأن كان حاكماً أو مسؤولاً أو مشهوراً فلكل أحد منهم ما يسرُه وما يحزنه ويهمه. وجوهر هذا الحديث كُله والتمام في كلماته هو في حديث الرسول الكريم ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (انْظُرُوا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ) اسعد بما تملك وارض بما قُدر لك من الله عز وجل، فإن كان قليلاً أو كثيراً فإنك ستكون بمشيئة الله تعالى من أسعد الناس وأهدأهم بالاً وفكراً ومن أكثرهم رضا.