12 سبتمبر 2025
تسجيلحين يأتيك القصف من الراعي والذئب معاً؛ فتذكر مقولة جدتك أيها الشقيّ يا "مقصوف العمر"، لم تكن مرياعاً أوّل من مشى وراء الحمار، ولم تكن كلباً يحدّد مسار اللصوص، ولم تكن الحمار ولم تكن الراعي الكذاب، ولا الذئب الذي فاجأنا بعد الليالي البيض. أنت كبش، لا تصلح إلا لجلب المسرّة في عيد الأضحى الذي اقترب، أنت كبش هدّت الحرب قرنيه، أنت كبش فحسب، رأسك منذور للقطع، قرناك للذكرى، صورك التذكارية لكتاب التاريخ، صوفك لكتاب الجغرافيا، قطيعك لمتحف الخراب الكبير. العيد قادم، يمدون إليك ألسنتهم، وأنت والقطيع في مهبّ خريفٍ غامض، تتذكر أغنية قديمة عن لقالق تأخرت في السفر، فيتوعدها أولاد أشرار بنشيد جماعي: "وسنذبح أولهم كالبطة / وسنشوي ثانيهم بالنار/ وسنقتل ثالثهم كالقطة / وسنشنق رابعهم كالفأر) ربما نسيت شيئاً من الحكاية، لكنك كبش، ولن يحذف منك النسيان درجة، المهم أنك تثغو جيداً، وهذا يعني أنك أضحية مثالية، ستقول ما أضيق العيش، وسأقول: ما أطيب العيش لولا فرحة الدولِ* بذبح شعب بريء من دم الرجلِ سأعرب المفردات: سأبحث عن أفعال تناسب الخراف، وجمل اسمية تلتمّ كحظيرة كان اسمها الوطن، حظائر سايكس بيكو التي أشبعناها شتماً. أيها الكبش الطيب، يا من توهمت أن الربيع عشب وماء غدير، هذه ليست (مزرعة الحيوان) ولا خرافة جلجامش، هذه حظيرة.. حظيرة رعاتها يتعشون اللحم، وذئابها تتعشى اللحم، أيها الكبش.. العيد قادم. لم يبق أحدٌ لم يجرّب فكرته وسيفه فينا، لم يبق صاروخ ولا ساطور ولا هاون ولا سكود ولا رصاصة مسدس، ولا (خرطوشة) بندقية صيد، ولا توماهوك، ولا ميغ ولا f16 ولا حجرة كونكريتية ولا برميل ولا سيارة مفخخة، ولا دراجة نارية، ولا موس كبّاس، ولا هراوة كهربائية، ولا هراوة (مشقشقة). لم يبق ذكر ولا أنثى ولا صغير ولا كبير، لم يبق (جندرما) درجة رابعة، ولا (عسكور) فاصلة اثنان، ولا (صول) محال على المعاش، لم يجرب نفوذه فينا، ولم يبق هاو تصوير أو غاو يوتيوب أو حامل جالاكسي إلا وجرّب أفلامه فينا، ولم يبق متشفّ أو مستهتر أو مثقف درجة عاشرة إلا جرّب تحليلاته فينا، ولم يبق نخّاس أو مندوب شركة عابرة للأخلاق إلا جرّب مواهبه فينا. ** نحن غضار مهشّم، وبريد الحياة الطيبة الهشة، نحن سعاة الجمال الحزين، كتبنا على وجنة الشرق أغانينا، كتبناها كـ(رثّاميات) جداتنا، كتبنا وجعنا هناك، قبل أن تتعثر (سوريّة) كجملٍ ويتقاسمها القتلة والبغاة والغزاة كما اقتسم الضيف الثقيل مع أهل البيت الدجاجة قسمة الشفع والوتر. نحن غضار كلّما جمعتنا الأماسي، فرّقنا الغسق، نحن الذين ألفنا ألف لون ولون، وألف موت وموت، وشربنا الشاي و(القحوة)، وطبخنا بسمن العرب وزيت الأكراد، نحن الذين نتقاسم البكاء والمكائد وهبوب الحزن المشرقي، والسفر عبر القطارات.. لم يبق أحدٌ في المدينة، والعيد قادم.