14 سبتمبر 2025

تسجيل

مهرجات في الطرقات

04 أكتوبر 2012

يؤسفني أن يكون حديثي اليوم عن فئة من بنات حواء، وأنا واحدة - والحمد لله لست إغريقية - أرى الجمال الداخلي والخارجي بالدرجة الأولى في حواء، وليس في الرجال كما كان يقول الإغريق أن الرجال هم المخلوقات الأجمل، وربما كانت نظرتهم تلك لأنهم كانوا يؤمنون بدونية المرأة، وحتى في عروضهم المسرحية كانت تجلس النساء بالقرب من العبيد. المهم إذا رجعنا لمحور حديثنا فإننا نرى أن كثيراً من النساء الآن أصبحن مصابات بمرض عدم الخروج من المنزل إلا بعد الانغماس بعلب الألوان والأصباغ التي باتت تغير من شكل الوجه، وتجعل معظم النساء متشابهات: عيون محاطة بطبقات سوداء، ورموش مستعارة ملتوية، وخدود ملونة تشابه خدود المهرج في عروض السيرك، وشفاه ملونة تخرج حدودها عن الشفاه الأصلية بمسافات.. وماخفي كان أعظم. إن ماتغفل عنه كثير من النساء هو أن الله تعالى أعطى لكل إمرأة جمالاً داخلياً وخارجياً تستطيع أن تعتني به وتظهره بحفاظها على دينها وأخلاقها وإعتنائها بنظافتها ووضوئها وزينتها بالمكان والزمان والقدر المناسب. وليس الجمال أبداً بكميات المكياج المخيفة والبراقة التي لم تعد للأسف تتردد في استخدامها طالبات المدارس والجامعات والموظفات حتى في ساعات الصباح الباكر، فقد تضطر بعض الطالبات للتأخر عن الدوام من أجل رحلة وضع طبقات المكياج الفاقعة، ولاتفكر هذه الفئة للأسف بأن لكل مقام مقالا كما يقال، ولاتفكر بأن ترحم عيون من حولها وترأف بحالهم.. إن المرأة خلقت جميلة بأنوثتها وبخلقها وبرقتها وباعتنائها بنفسها، ولم تخلق جميلة بطبقات الأصباغ تلك، لذا فإنني أطالب كل إمرأة وفتاة أصابها هذا النوع من الإدمان دون أن تعرف أنها تعاني من هذا الداء في مجتمعاتنا، بأن تقف مع نفسها وقفة صادقة وتسأل نفسها قبل الانطلاق برحلة ألوان قوس قزح كل يوم: هل أنا فاقدة لثقتي بنفسي حتى ألطخ وجهي بتلك الأصباغ كل يوم؟ أم أنني لا  أعتبر إمرأة جميلة إلا إذا استخدمت كل تلك المساحيق؟ إن الجمال هو جمال الروح وجمال الخُلق، ومن ثم يأتي جمال المظهر الذي يظهره القليل من العناية والاهتمام والتجمل بالمكان والقدر المناسب، وهذه هي معادلة الجمال الحقيقي الذي ينبع أولاً من الداخل ليشع ضوؤه على الخارج.. ومضة: أرسل شاب رسالة لموقع يستشير فيه اخصائية للعلاقات الزوجية بأنه يريد طلاق زوجته التي اكتشف بعد زواجه منها أنها لم تكن ذات عينين زرقاوين كما كان يراها من قبل، وأن ذلك المظهر لم يكن إلا رموشاً اصطناعية وعدسات لاصقة وشفاها ملونة وطبقات من الألوان الاصطناعية، التي زالت عند أول صباح بعد الزواج حين أفاق ليراها بعد الاستحمام إمرأة أخرى.. ردت عليه الاستشارية بأنك إن كنت تزوجتها لتشارك بها في مسابقات ملكات الجمال فطلقها، وإن كنت تزوجتها لدفء الحياة الزوجية وللسكينة وبناء عائلة فأبقها.. فهل ياترى تحب من تسير على نهج هذه الفتاة أن تتعرض لهذا الموقف المؤلم؟! هذه دعوة مني لأن نلقي بقناع المساحيق المزيفة، ونتوضأ في الصباح ونخرج لأعمالنا يزيننا نور الإيمان وجمال الروح.