13 سبتمبر 2025
تسجيلما من دين ولا خلق مستقيم يمدح الكذب أو يجاري قائله، بل هو مذمة في الأديان والأعراف جميعا، وهو أبغض الأخلاق إلى كل الأنبياء، وهو في الإسلام ممحق للبركة، ومفتاح لكل موبقة. ويعرف عند أهل الشأن بأنه: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، ولأنه كذلك جاءت الآيات والأحاديث تحمل في طياتها التهديد الأكيد والوعيد الشديد، لمن تخلق به ومن ذلك: 1 — الحرمان من نعمة الهداية: قال تعالى: إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب [غافر: 28]. الطرد من رحمة اللَّه تعالى: قال تعالى: ألا لعنة الله على الكاذبين فالكذاب مطرود من رحمة اللَّه تعالى. 2 — الكذب طريق الفجور: عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابًا» ومعنى الفجور كما قال الراغب: الشق، فالفجور شق في ستر الديانة ويطلق على الميل إلى الفساد وعلى الانبعاث في المعاصي وهم اسم جامع للشر. 3 — الكذب مفتاح النفاق: فعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر». قال الإمام النووي رحمه اللَّه: الذي قاله المحققون والأكثرون وهو الصحيح المختار: ان معناه أن هذه الخصال خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم، فإن النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه وهذا المعنى موجود في صاحب هذه الخصال قوله صلى الله عليه وسلم: «كان منافقًا خالصًا». معناه شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال. 4 — الكذب خيانة: فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كبرت خيانة أن تُحدث أخاك حديثًا هو لك مصدق وأنت له كاذب». وقد قيل في منثور الحكم: الكذب لص لأن اللص يسرق مالك والكذب يسرق عقلك، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الكذاب كالسراب. وهذه مقدمة تمهيدية لمقالات تأتي تباعا للتفرقة بين الكذب الذي عليه مدار الذم السابق، وما يأتي على أيدي الأطفال بما يعاقبون عليه وهم برءاء منه، فبعض الآباء يحرص على المتابعة الدقيقة لحركات وسلوك ولده، وهذا جيد لكن غير الجيد أن يعاقب الولد على ما لم يقصده ولم يرده، ليأتي البعض ويتهم ولده وينعته بالكاذب مما يتسبب في ميلاد حالة من فقدان الثقة بين الآباء والأبناء. وقد كان من الممكن جدا أن يعالج الوالد الأمر علاجا يسيرا. ودعني أخي القارئ نؤكد على حقيقة علمية وهي أن الكذب سلوك مكتسب كما أن الصدق أيضا سلوك مكتسب، ويعني ذلك أن البيئة هي المحضن الطبيعي له وقلما تجد ولدا كاذبا إلا وحوله من المعطيات ما أوصله إلى ذلك. فالكذب على نوعين: نوع طبيعي لا ينبغي أن يضخم بل يوجه. ونوع حقيقي لابد من الوقوف عليه ومعالجته وعدم التفريق بين الاثنين هو الذي يأتي بمعظم الكوارث الأسرية. يقسم علماء النفس الكذب إلى عدة أنواع وهي: 1 — الكذب الخيالي: 2 — الكذب الالتباسي: 3 — الكذب التعويضي: 4 — كذب الاستحواذ. 5 — كذب المحاكاة (التقليد): 6 — الكذب لجذب الانتباه: 7 — كذب الكراهية والانتقام: 8 — كذب الخوف من العقاب (الكذب الدفاعي): 9 — الكذب لمقاومة السلطة: 10 — الكذب الاجتماعي: 11 — الكذب المرضي: وإن شاء الله في المقال القادم نفسر هذه الأنواع.