12 سبتمبر 2025
تسجيلالإماراتُ تترنحُ تحتَ تأثيرِ الضرباتِ المتلاحقةِ الناتجةِ عن السياساتِ الرعناءِ واللاأخلاقيةِ لقيادتها، وتدفعُ أثماناً باهظةً لها من ثرواتها ومكانتها الدوليةِ. والملاحظُ أنَّ كبارَ مسؤوليها، وإعلامييها وذبابها الإلكترونيَّ لا يضبطهم حسٌّ وطنيٌّ، ولا يعصمهم انتماءٌ إسلاميٌّ وعربيٌّ، فكلما انكشفَ جانبٌ مخزٍ من الوجهِ القبيحِ لأبو ظبي، ازدادتْ سفاهتهم السياسيةُ، وتعاظمَ الانحطاطُ الأخلاقيُّ في خطابهم، مما يجعلنا ندركُ أننا في الخليجِ والوطنِ العربيِّ، نتعاملُ مع قيادةٍ غيرِ راشدةٍ تهددُ بسياساتها أمننا الوطنيَّ والقوميَّ. 1) جاسوسيةٌ وتصهينٌ: للقيادةِ الإماراتيةِ تاريخٌ حافلٌ في العملِ المخابراتيِّ التخريبيِّ، من أبرزِ محطاته المشاركةُ في المحاولةِ الانقلابيةِ الفاشلةِ في بلادنا سنة 1996م، ومحاولةُ القيامِ بقلبِ نظامِ الحكمِ في عُمانَ سنة 2011م، وقيامها بانقلابٍ على الشرعيةِ بمصرَ سنةَ 2013م، ودورها في المحاولةِ الانقلابيةِ بتركيا سنة 2016م. ويبدو أنها لا تتعلمُ من فشلها، فهاهي جريدةُ نيويورك تايمز تفضحُ مؤامرةً مخابراتيةً جديدةً لها تتعلقُ بالتجسسِ على قادةٍ ومسؤولينَ كبار وإعلاميينَ في قطرَ والسعوديةِ. واللافتُ للنظرِ فيها أمرانِ: الأولُ، أنها تمتْ بالتعاونِ مع الكيانِ الصهيونيِّ من خلالِ إحدى شركاته العاملة في مجال تقنياتِ الاتصالاتِ. والثاني، أنها شملتْ شخصياتٍ سعوديةً كبيرةً على الرغم من التحالفِ بين البلدينِ. ولذلك، لا نستبعدُ أنَّ كبارَ أعضاءِ الأسرةِ المالكةِ بالمملكةِ، وأبناءَ الأسرِ الحاكمةِ، وكبارَ المسؤولينَ والوجهاءِ في الخليجِ كانوا ضحايا لهذه العمليةِ التجسسيةِ، وهو ما يوجبُ على تلك الدولِ القيامُ بعمليةِ مراجعةٍ أمنيةٍ شاملةٍ لنظمِ الاتصالاتِ فيها، وتطهيرِ أجهزتها السياديةِ والإعلاميةِ من الذين جندتهم أبو ظبي أو استطاعتْ استمالتهم ليكوِّنوا جماعاتِ ضغطٍ تعملُ لصالحها. وكذلك، يجب على الباحثينَ والإعلاميينَ التركيزُ على الدورِ المحتملِ للإماراتِ في كلِّ المشكلاتِ التي مرتْ بها الدولُ العربيةُ منذ انخراطِ أبو ظبي في محاربةِ تطلعاتِ وتضحياتِ الشعوبِ بعد انطلاقِ الربيعِ العربيِّ الذي أقلقَ الكيانَ الصهيونيَّ وحلفاءه. 2) ممارسةُ الجريمةِ المنظمةِ باليمنِ: حيثُ انَّ أبوظبي لا تكتفي بجرائمها وجرائمِ السعودية المتصلةِ بقتلِ الأطفالِ والنساءِ، وتدمير البنى التحتيةِ، وإنما تعملُ قواتها كعصاباتٍ إجراميةٍ تقومُ بالتنكيلِ باليمنيينَ، واعتقالهم، وتعذيبهم، واغتصابهم رجالاً ونساءً، مما يعكسُ انعدامَ روحِ الإسلامِ فيهم، وانسلاخهم عن الإنسانيةِ. والمصيبةُ، أنَّ ذلك يتمُّ بدعمٍ غيرِ معلنٍ من الدولِ الكبرى التي تستفيدُ من المبيعاتِ الضخمةِ للأسلحةِ، وفيها جماعاتُ ضغطٍ اشترتْ أبو ظبي دعمها السياسيَّ والإعلاميَّ بالمالِ الحرامِ. لذلك، ينبغي التركيزُ على التواصلِ مع الأحزابِ والمنظماتِ المدنيةِ بتلك الدولِ للضغطِ على حكوماتها لإيقافِ المحرقةِ اليمنيةِ. 3) الرشوةُ السياسيةُ: من أعظمِ مظاهرِ السفاهةِ في سياساتِ أبو ظبي، أنَّ قيادتها تعتقدُ أنَّ المالَ الحرامَ قادرٌ على شراءِ كلِّ شخصٍ في كلِّ دولِ العالمِ. فقامتْ برشوةِ رئيسِ مجلسِ الدولةِ السويسري متغافلةً عن السياسةِ الصارمةِ لسويسرا في محاربةِ فسادِ المسؤولينَ فيها لأنها بلدٌ يعتبرُ مركزَ إيداعاتِ الأموالِ في العالمِ، ولا يقبلُ بوجودِ شبهاتٍ تجعله يفقدُ الثقةَ في نظامه الماليِّ. وبعد أنْ قامَ الإعلامُ بفضحِ الرشوةِ، وأخذتِ السلطاتُ السويسريةُ بالدعوةِ لمحاكمته، بدأ الجميعُ يتساءلون عن أسبابِ امتدادِ أذرعِ أخطبوطِ الفسادِ الظبيانيِّ إلى سويسرا، فهل كانتْ محاولةً لاختراقِ نظامها المصرفيِّ خدمةً لوليِّ العهدِ السعوديِّ الذي لم تقبلْ أنْ تُطلعه على حساباتِ الأمراءِ ورجالِ الأعمالِ الذينَ اعتقلهم قبل شهورٍ بدعوى محاربةِ الفسادِ؟، أمْ كانتْ محاولةً للوصولِ إلى معلوماتٍ بشأنِ أرصدةِ حكامٍ ومسؤولينَ عربٍ لتهديدهم بها؟. الأمرُ مريبٌ وتنبغي متابعةُ تطوراته بدقةٍ. ما سبقَ، يشيرُ إلى أنَّ علاقاتِ الدولِ بالإماراتِ ستظلُّ مبنيةً على احتمالِ غدرِ أبو ظبي، ونكثها بالعهودِ، وتنكرها للقوانينِ الدوليةِ، ما دامت تُقادُ بعقليةِ قيادتها التآمريةِ التخريبيةِ، مما يجعلنا، نحن القطريينَ، نحمدُ الله على الحصارِ الذي أبعدنا عن المتخلفينَ حضارياً، ووقانا شرورهم، وأتاحَ لنا التفرغَ لتحقيقِ إنجازاتٍ كثيرةٍ. كلمة أخيرة: ربما تنجحُ أبو ظبي في خداعِ بعضِ الناسِ لبعضِ الوقتِ، لكنها ستفشلُ في خداعِ كلِّ الناسِ كلَّ الوقتِ.