14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يضر السياسة السودانية إلا بعض المواقف التي تأتي من سياسيين أو محللين بل وحتى من كتاب. والذين لا يبنون مواقفهم إلا من خلال تأثيرات نفسية أو أيديولوجية معينة تقيم جدارا عازلا بين رؤيتهم وحقائق الأمور على أرض الواقع.. الدعوة للحوار التي أطلقتها الحكومة لقيت استجابة من غالبية قطاعات المجتمع وقواه السياسية.. فهي دعوة لمسالة إستراتيجية يجب أن تسقط أمامها تكتيكات السياسة ومناوراتها. الكل يبحث - بلاشك - عن مستقبل سياسي مستقر للبلاد والكل يعمل من أجل ذلك وفق رؤاه ولا سبيل لخلق أرضية مشتركة لإصلاح البيئة السياسية لبلورة كل الرؤى على اختلافها إلا بالحوار. ولعل مستقبل البلاد يتطلب من الجيل الجديد أن يفكر متجردا بعيدا عن مؤثرات الماضي التي يدور في فلكها الكثيرون.قد يعرف المرء أسباب رفض بعض القوى السياسية للحوار، حتى قبل أن يبدأ، بل بمجرد طرح فكرته. فهذه القوى لا تفهم الديمقراطية إلا في اتجاه واحد، وهو أن تكون في الحكم، أما ما دون ذلك فليس بديمقراطية!هذا الأمر يتضح جليا في أول فترة ديمقراطية دخلتها البلاد، إذ سعت القوى التي لم تجد أي رصيد جماهيري أو التي نالت أقلية إلى تحدي المؤسسات الديمقراطية وإثارة الفوضى والترصد بكل قرار تتخذه الحكومة المنتخبة - آنذاك - حتى دخلت البلاد في حالة وصفها المراقبون بالفوضى السياسية وهي الحالة التي مهدت الطريق لاستلام القوات المسلحة للسلطة في نوفمبر 1958.وإذا كانت أحداث التاريخ توضح أن لبعض القوى جذورا تعرقل مسيرتها نحو الديمقراطية وتحيل بينها وبين قبول نتائجها.. يبقى الشيء المحير هو موقف بعض المحللين والكتاب..إذا دعت الحكومة للحوار.. يقولون بل نريد حوارا جادا!الحكومة تدعو كل القوى للحوار بمن فيهم المتمردون.. يقولون: يجب أن تدعو حاملي السلاح.بعض القوى ترفض دعوة الحوار.. يقولون: يجب أن يكون حوارا شاملا!قطاع الشمال يرفض استئناف المفاوضات.. يقولون الحكومة تزرع الألغام في الطريق!.. ويقولون.. ويقولون.. ما لا يتسق مع العقل ولا مع المنطقإن التطلع للمستقبل والاستفادة من عِبَر التاريخ تتطلب أن تغير تلك القوى السياسية نهجها وتترك المواقف الكيدية والمصالح الضيقة.. وأن يتجاوز أولئك الكتاب الجدار العازل ليروا الحقائق كما هي.. ذلك من أجل أن يحقق الحوار ما يتطلع إليه الجميع - أو على الأقل جزء كبير منه.وبين هذا وذاك يبقى الأمل في أن يقبل الجيل الجديد على المشاركة في الحياة السياسية بروح جديدة وأداء مختلف وفكر متطور وأن يقفز فوق المواقف التي تبنى على المكايدات والخصومات والتي تمتد جذورها إلى السنوات الأولى للديمقراطية.على الأجيال الجديدة قراءة التاريخ ودراسته، والتأمل جيدا فيما يكتبه أولئك الكتاب والمحللون الذين يقدمون منطلقاتهم الشخصية على المصالح الوطنية.. يبدو ذلك ظاهرا في كل كلمة وجملة وطرح يقدمونه في الحديث عن دعوة الحوار.