11 سبتمبر 2025
تسجيللا يتَّفق العقل والقلب على أمر إلا أن تجاوز حدود المعقول، وهو ما يمكن أن يحدث، ولكن بعد أن نخرج برحلة تعريفية تشمل مجموعة من الجولات التي تؤكّد كلّ واحدة منها على تلك الروعة التي تجبر العقل والقلب على التوقّف قليلاً لمناقشة الأمر برمته، ودراسة ما كان منه خلال تلك الرحلة وبشيء من التفصيل، والحق إن هذه الخطوة لا يقوم بها إلا مَن يدرك قيمة تقدير كلّ ما يمرّ به وعليه، فهي النتيجة الحتمية لكلّ عمل يُنجزه أحدهم؛ ليتعرّف عليه غيره، ويدركه ويعلق عليه بكلّ ما كان منه وفيه وذلك؛ لتحسينه وتعديله متى تطلّب الأمر ذلك، أو للأخذ بيده وتقديمه للعالم كله فيُدرك وبشكل يلائمه. إن التطرّق لأي موضوع من خلال هذا العمود لا يكون محض صدفة، ولكن بحسب ما تفرضه المتابعة الدقيقة لأوضاع مختلفة تشغل الحياة التي تبث ذلك في نفس كلّ مَن يحبها، فيصبح الوضع العام مشغولاً بها، ولعل أهم ما يشغل فكر هذا العمود هو (الإنسان)، الذي يُعد الهدف الأساسي من أي عمل كُتب له بأن يكون يوماً، فهو عامل التعمير الأساسي، الذي نُعمّر به المجتمع، وهو أيضاً عامل التدمير الأساسي، الذي وإن غفلناه ولم نهتم بعملية إصلاحه؛ لأفسد المجتمع بما فيه وعلى مَن فيه وذلك؛ لأنه لم يخضع لجلسات إصلاح تطوله وتصل اليه وإن لم يتلفت إليها يوماً، فوحدها هذه الجلسات التي تُخصّص له؛ لتقدّم له فيها ما يساهم في صقل جوانب شخصيته؛ لتتطوّر وتصبح أفضل مما كانت عليه، والجميل أن هذه الجلسات لا تكلّف سوى نية صادقة وحقيقية تعلن رغبتها بالاستفادة من كلّ ما يمكن أن يطوّر الشخصية ويجعلها إيجابية أكثر، وقادرة على المباردة بالقيام بالأعمال الجيدة والجادة من أجلها ومن أجل غيرها أيضاً. الحقيقة الماسية من السهل اكتساب ما يساهم في عملية الإصلاح والتحسين، ولكن من الصعب التوجّه نحوه، وهو ما يسبّب مشكلة كبيرة لدى مَن لا يثق بأن الإصلاح يمكن أن يبدأ ويكون بأي وقت، وبأي مكان مما يعني أنه ضمن قالب Here and now، فيأتي في مناسبات مختلفة وفي لحظات لا يمكن توقّعها، ولكن يمكن توقّع فائدتها متى كانت المبادرة. وأخيراً لربما أخذنا الحديث بعيداً عن الموضوع الأساسي الذي رغبت في التحدث عنه هذا اليوم، ولكن هذا لا يعني أننا لن نتطرّق إليه أبداً، فيكفي أن نذكّر لمحة خاطفة عنه؛ لنخوضه عرضاً وطولاً المرّة القادمة إن شاء الله، والموضوع هو (بيت عامر)، ولعل هذا الاسم سيشغل الكثير منكم؛ لنخرج بعدد هائل من الرسائل كلها تبحث في أمر (عامر) وما يكون؛ لذا يكفي أن أترككم مع هذه الأفكار والأسئلة حتى نلتقي الأسبوع القادم؛ لنواصل الحديث عن عامر، وعن سبب هذه المقدّمة العظيمة، وحتى نلقاكم على خير مع عام دراسي جديد، نسأل الله أن يوفّق الجميع.