11 سبتمبر 2025
تسجيلفي محفل علمي دار نقاش حول جهد السلف في العناية بالحفاظ على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أنهم تغربوا عن ديارهم،وارتحلوا عن بيئاتهم طلبا للعلم،بل إن بعضهم كان يترك قريته ومكان إقامته بالسنين لأجل أن يجود فنا من الفنون أو علما من العلوم. لكن مع شدة عنائهم وتعبهم تكاد جماهير الأمة لا تعرف عنهم شيئا،بل ربما أسماؤهم لا يعرفونها نظرا لأن معايير ثقافتنا تبدلت وتغيرت،وأصبح جل اهتمام شبابنا اليوم بأمور أخرى بعيدة كل البعد عن هذه الصناعة. أقدم اليوم موقفا واحد لواحد من سلف الأمة في تحريه حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،هذا الحديث من بين ألف ألف حديث يحفظهم. الإمام هو شعبة بن الحجاج بن الورد الأزدي المكنى بأبي بسطام، ولد بالعراق سنة اثنتين وثمانين من الهجرة في خلافة عبد الملك بن مروان. خرج يوما من بيته فوجد واحدا يتحدث بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتأكد من صحته فماذا قال؟ روى الإمام ابن حبان في كتاب "المجروحين" عن أبي الحارث الورّاق قال: جلسنا على باب شعبة نتذاكر السنة فقلت: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأحسن الوضوء دخل من أي أبواب الجنة شاء"،فخرج شعبة بن الحجاج،وأنا أحدِّث بهذا الحديث فصفعني ثم قال: يا مجنون: سمعت أبا إسحاق يحدث عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر فقلت: يا أبا إسحاق سمعتَ عبد الله بن عطاء يحدث عن عقبة بن عامر؟ فقال: اسكت،فقلت: لا أسكت،فالتفت إلى مِسْعر بن كدام فقال: يا شعبة،عبد الله بن عطاء حَيّ بمكة (كان شعبة ساعتها في العراق) فخرجت إلى مكة،فلقيت عبد الله بن عطاء، فقلت: حديث الوضوء؟ فقال: عقبة بن عامر، فقلت: يرحمك الله سمعتَ منه؟ قال: لا،حدثني سعد ابن إبراهيم(وكان ساعتها بالمدينة) فمضيت فلقيت سعد بن إبراهيم،فقلتُ: حديث الوضوء؟ فقال: من عندكم خرج (أي من العراق) حدثني زياد بن مِخْراق، فانحدرت إلى البصرة، فلقيت زياد ابن مخراق — وأنا شَحِب اللون وسخ الثياب كثير الشعر — فقال: فحدثته الحديث،فقال: ليس هو من حاجتك،قلت: فما بُدٌّ، قال: لا حتى تذهب وتدخل الحمام، وتغسل ثيابك، ثم تجيء فأحدثك به،قال: فدخلت الحمام وغسَّلْتُ ثيابي ثم أتيته فقال: حدثني شهر ابن حوشب، قلت: شهر بن حوشب عمّن؟ قال: عن أبي ريحانة، قلت: هذا حديث صَعِد ثم نزل دمّروا عليه،ليس له أصل" هذا عن حديث واحد فكيف بمروياته جميعا؟