17 سبتمبر 2025

تسجيل

التلطخ أو التدنس بالمعصية

04 يوليو 2016

ذكرنا أن التلطخ بالمعصية من أسباب ضعف التزام العبد وإهماله واجباته اليومية ، وقد وعى السلف مثل هذا السبب وأثره على عمل اليوم والليلة ونبهوا إليه كثيرا :هذا الضحاك يقول : ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ثم قرأ الضحاك { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } ثم يقول الضحاك : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن وهذا الحسن يسأله رجل قائلا : ( يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهورى فما بالى لا أقوم ؟ فقال ذنوبك قيدتك ).وهذا الثوري يقول : ( حرمت قام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته قيل : وما ذاك الذنب ؟ قال : رأيت رجلا يبكى فقلت في نفسي : هذا مراء ) ، وهذا كرز بن وبرة يدخل عليه بعض الناس وهو يبكى فيقول له : أتاك نعى بعض أهلك ؟ فيقول : أشد فيقول له : وجع يؤلمك ؟ فيقول : أشد فيقول له وما ذاك ؟ فيجيبه : بابي مغلق وسترى مسبل ولم أقرأ حزبي البارحة وما ذاك إلا بذنب أحدثته.وهذا أبو سلمان الدارانى يقول : (لا تفوت أحدا صلاة الجماعة إلا بذنب ) وهذا عابد عالم يقول : ( كم من أكلة منعت قيام الليل وكم من نظرة منعت قراءة سورة وإن العبد ليأكل أكلة أو يفعل فعلة فيحرم بها قيام سنة وكما أن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر فكذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات ).وقد بين الحافظ ابن القيم كيف يؤدى هذا السبب إلى مثل هذا التفريط فقال ( ومنها أي من آثار المعاصي حرمان الطاعة فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصد عن طاعة تكون بدله وتقطع طريق طاعة أخرى فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة ثم رابعة وهلم جرا فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة منعته من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان ).كذلك من أسباب التفريط في الواجبات : عدم إدراك قيمة النعم وسبيل الدوام :وقد يكون عدم إدراك قيمة النعم وسبيل الدوام هو السبب في التفريط في عمل اليوم والليلة ذلك أن من لم يدرك أن نعم الله على العباد الظاهر منها والباطن والمعلوم منها وغير المعلوم شئ لا يكون ولا يحصى { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة }ومن غفل عن أن دوام هذه النعم إنما يكون بالشكر : { لئن شكرتم لأزيدنكم } ومن الشكر المواظبة على عمل اليوم والليلة من العبادات والطاعات من لم يدرك هذا كله وغفل عنه فإنه يقع منه لا محالة التفريط فيعمل اليوم والليلة وصدق الله { فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون }.قال الحسن البصري وأبو العالية والسدى والربيع بن أنس :(إن الله يذكر من ذكره ويزيده من شكره ويعذب من كفره ) .وقال الحسن البصري أيضا في قوله { فاذكروني أذكركم }. قال :( اذكروني فيما أو جبت لكم على نفسي) .وقال سعيد بن جبير :( اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي ) وفي رواية (برحمتي) .الغفلة عن الحاجة إلى عمل اليوم والليلة