16 سبتمبر 2025
تسجيلانظروا كيف لم تتحقق أهداف الثورة؟ أين ذهبت المطالبات والشعارات التي رفعها الشباب في الميادين والشوارع العربية! الوضع الآن ليس أفضل من قبل؟! ما أحوجنا إلى المستبد العادل، والقائد المتدين، والنظام العسكري، نحن شعوب لا تصلح معها الديمقراطية والعدالة والحرية، والأفضل أن نحكم بنظام الطوارئ والإحكام العرفية خيرا مما تأتي به صناديق الاقتراع من نتائج وشخوص وجماعات وتيارات سياسية لا تعجبنا أشكالها؟! لنعد إلى الوراء قليلا الثورة الفرنسية أحدثت انقلابا هائلا في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي على مدار التاريخ، وحولت فرنسا من دولة يحكمها ملك بالحق الإلهي بسلطات مطلقة إلى جمهورية تحكم بإرادة العامة للشعب وسيادة الأمة، انطلقت الثورة الفرنسية في عام 1789 ، أي حوالي 220 عاما مضت، ورفعت شعارات مجتمع الحرية والعدالة والمساواة وبناء نظام جمهوري ديمقراطي، ولكنها واجهت صراعات كادت أن تعصف بها وتطيح بكل مبادئها وشعاراتها، عادت الاستبدادية من خلال نابليون الذي نصب نفسه عام 1804 ملكا و إمبراطورا، وعادت الملكية عام 1814 ممثلة في لويس الثامن عشر، وبعده شارل العاشر عام 1824 الذي قامت عليه ثورة 1848، وعادت الديكتاتورية مجددا في تولي نابليون الثالث عام، 1852م ولم تنشأ الجمهورية إلا بعد هزيمة فرنسا في الحرب ضد بروسيا عام 1870 أي قرابة قرن قبل أن تتحقق أهداف الثورة الفرنسية.قد تكون أسهل مراحل التغيير في الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية هو إسقاط الواجهة المتمثلة في النظام القائم، وأصعب مراحلها هو بناء نظام بديل خصوصا في مواجهة الدولة العميقة التي تحكم المنظومة من الخلف وترفض تقديم تنازلات حقيقية بل تدخل بكل ثقلها لعودة الوضع السابق أو الاحتفاظ بكل المفاتيح في الوضع الراهن من خلال إثارة القضايا والصراعات المستمرة. لذلك فإن عملية البناء في العالم العربي قد تستغرق وقتا طويلا في مواجهة كل الأمراض والعلل التي انتشرت وعششت في العقول والقلوب وبات من الصعوبة التخلص منها عن طريق ثورة عابرة أو أكثر من ثورة جذرية؟! خالد الجابر