18 أكتوبر 2025

تسجيل

واقع وتحدي سوق العمل في السعودية

04 مايو 2014

تتميز السعودية بنشرها إحصاءات محدثة ودقيقة وبصورة مستمرة حول البطالة وهي ليست من الخصال المشهورة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي. وفي هذا الصدد لا بأس التأمل في إحصاءات البطالة في السعودية في المجموع للوقوف على حقيقة التحدي بالنسبة للمواطنين. فحسب مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات وهي جهة رسمية، فقد بلغت نسبة البطالة في الربع الأخير من العام 2013 تحديدا 5.6 في المائة مقارنة مع 5.5 في المائة في الربع الثالث من السنة نفسها ما يعد تحسنا. حقيقة القول، تعتبر طريقة احتساب نسبة البطالة مسألة حيوية، حيث تلجأ الجهات الرسمية لخيار تقسيم عدد العاطلين على مجموع العمالة المحلية منها والأجنبية وهي مسألة مثيرة للجدل لأنها ربما تعطي إحصاءات مشوهة. يعد هذا إجراء صحيحا من الناحية النظرية وهو الأمر السائد على مستوى العالم لكن لا يمكن تجاهل خصوصية الاقتصاد المحلي. 8 ملايين عامل وافد في السعودية تكفي الإشارة إلى وجود 8 ملايين عامل وافد في السعودية أي تقريبا ضعف حجم العمالة الوطنية. تأتي غالبية العمالة من جنوب آسيا مثل الهند وجنوب شرق آسيا مثل الفلبين فضلا عن مصر. لا شك، يفترض عدم وجود بطالة في أوساط العمالة الأجنبية لأنهم يجب أن يأتوا للعمل في إطار اتفاقيات واضحة بما في ذلك جهة العمل والمدة الزمنية والمزايا. مهما يكن من أمر، تعتبر نسبة البطالة في أوساط العمالة الأجنبية هامشية حيث بلغت 0.2 في المائة حسب آخر الإحصاءات المتوافرة. بمزيد من التمعن، بلغت نسبة البطالة في أوساط العمالة المحلية تحديدا 11.5 في المائة مع الربع الرابع للعام 2013. يشكل هذا الرقم تحسنا مقارنة مع نسبة بطالة قدرها 12 في المائة في الفترة نفسها من 2012. والأسوأ من ذلك، تبين بأن نسبة البطالة في أوساط الإناث عبارة عن 32 في المائة نهاية 2013. طبعا، يتضمن هذا الرقم الضخم الإناث المسجلات ضمن القوى العاملة ولكن ليست اللاتي اخترن ترك سوق العمل لأسباب اجتماعية. كما تؤكد الإحصاءات بأن الفئات العمرية الشابة تشكل السواد الأعظم من العاطلين في السعودية الأمر الذي يعد أمرا مقلقا. ويلاحظ تركز البطالة في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة يمثلون فيما نحو 40 في المائة من العاطلين. يشكل العاطلون طاقات غير مستخدمة الأمر الذي يقلل من فرص التنمية. كما تبقى التنمية الاقتصادية قاصرة في حال عدم توفيرها سبل العيش الكريم وفرص الحصول على وظائف تتناسب وتطلعات الداخلين الجدد لسوق العمل من حيث نوعية وظروف العمل والعائد وفرص الترقية والتخطيط الوظيفي. وللتأكيد على جدية معالجة كل ما يرتبط بموضوع الوظائف والبطالة في أوساط المواطنين، طرحت السلطات السعودية قبل عدة شهور نظام التأمين ضد التعطل أو ساند. وربما يدخل القانون حيز التنفيذ في وقت لاحق من العام الجاري. سوف يلزم مشروع ساند عند تطبيقه كلا من المشترك وصاحب العمل بدفع 1 في المائة من أجر العامل بواقع 2 في المائة من الأجر الشهري للمشتركين دونما تحمل الحكومة أي التزامات مالية. بموجب مشروع ساند، سوف يحصل العامل الفاقد لوظيفته لأسباب خارجة عن إرادته معونة تمثل 60 في المائة من متوسط الأجر لآخر سنتين وذلك خلال الشهور الثلاثة الأولى بعد البدء. لكن تنخفض النسبة إلى 50 في المائة من الراتب ابتداء من الشهر الرابع لحين انتهاء المدة. بمعنى آخر، يحصل المستفيد على مبلغ شهري وقدره 2400 دولار كحد أقصى خلال الشهور الثلاثة الأولى لاستلام المعونة ومن ثم 2000 دولار شهريا كحد أقصى بعد مضي هذه الفترة. عموما، لن يقل مبلغ التعويض عن 533 دولارا شهريا.وفي خطوة سبقت طرح مشروع ساند بدأت السلطات السعودية منذ يوليو 2013 بتطبيق برنامج يعرف باسم نطاقات والذي يهدف إلى تنظيم وإصلاح سوق العمل من خلال الضغط على مؤسسات القطاع الخاص لتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين. يلزم مشروع نطاقات ضمان توفير نسب للعمالة الوطنية في القطاعات المختلفة تتوزع ما بين 6 في المائة في قطاع الإنشاءات و30 في المائة في مجال الخدمات المالية و50 في المائة في القطاع النفطي. تأشيرات للعمالة الأجنبية بناء على مستوى توظيف المواطنين: يتعلق الخيار بمنح أو الحد من إعطاء تأشيرات للعمالة الأجنبية بناء على مستوى توظيف المواطنين السعوديين. تحصل الشركات على حوافز أو جزاءات لقاء توفيرها لفرص العمل للمواطنين. فضمن أربع درجات هناك الدرجة الممتازة والتي تتضمن إمكانية الحصول على تأشيرات جديدة للعمالة الأجنبية بيسر لكون هذه المؤسسات ملتزمة بمستوى كاف من فرص عمل للمواطنين. أما أسوأ درجة فهي التي تقع ضمن اللون الأحمر حيث يتم إخضاعها لجملة من الجزاءات بما في ذلك وضع عراقيل أمام إمكانية الحصول على تأشيرات جديدة بسبب ضآلة مستوى التوظيف المحلي.يعد الحديث عن التفاصيل المتعلقة بأداء بالاقتصاد السعودي أمرا مهما بالنظر للأهمية النسبية لاقتصاد المملكة على مستوى العالم. حديثا فقط، اعتبر البنك الدولي في تقرير المقارنات بين دول العالم بأن ترتيب الناتج المحلي الإجمالي للسعودية يأتي في المرتبة رقم 16 على مستوى العالم. أما أكبر 10 اقتصادات عالمية هي الولايات المتحدة والصين والهند واليابان وألمانيا وروسيا والبرازيل وفرنسا وبريطانيا وإندونيسيا على التوالي. كما يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في السعودية حسب معيار القوة الشرائية 86 ألف دولار أي في المرتبة رقم 14 عالميا.ولم يكن مفاجئا استمرار سيطرة قطر على الصعيد العالمي بالنسبة لمعيار نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حسب مفهوم القوة الشرائية بمبلغ يفوق 146 ألف دولار ما يعد إنجازا لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية قاطبة.