13 سبتمبر 2025
تسجيل(وظف؛ كي تُوظف) نعم هي حقيقة يفرضها علينا الواقع وإن رفضناه؛ لذا كثيراً ما تتكرر مني هذه الفكرة القابعة في رأسي، وتدفعني نحو تسليط الضوء على هذا الموضوع، الذي لا يُعد جديداً بتاتاً، خاصة على من يتابع كلماتي التي تنسكب هنا في هذا العمود وضمن فضاء صفحة الزاوية الثالثة، أو تحت عمودي الأسبوعي (كلمات صالحة للنشر)، الذي تطل من خلاله كلماتي عليكم كل يوم ثلاثاء، فهو ما يشغل بالي بقدر ما يفعل معكم وذلك؛ لأن فكرة توظيف الطاقات التي نتمتع بها تستند إلى ضرورة تنمية الذات وتطويرها للأفضل، حيث الأداء المتميز، الذي يتطلب منا تفقد الإمكانيات والقدرات من وقت لآخر، وفيما يتعلق بتلك الإمكانيات التي تتلاحم مع القدرات؛ لتخرج لنا بطاقة تختلف مع اختلافنا، نجد أنها تتوتر حين تغيب عنها الفرص الذهبية، التي يمكن بأن تكشف النقاب عنها، وتسمح لها بأن تتباهى بوجهها الجميل أمام الجميع، وهو ما يضع صاحبها في زاوية تمنعه من متابعة العالم من حوله؛ وتُحَرم عليه فرصة التعبير عن كل ما يتمتع به بشكل يوازي طموحاته، وهو كل ما يدفعه نحو شرفة الجنون؛ ليخرج بخيار صرفه لتلك الطاقات التي يتمتع بها في اتجاه لا يمثله، أو ذاك الذي يحثه على تجميد طاقاته حتى إشعار آخر قد يكون وقد لا يكون، وهو الخيار الذي سيمضي معه العمر قبل أن يدرك صاحبه منه ذاك الحلم الجميل، الذي يحلم به ويرغب بأن يحققه ويتحقق له، أي أنه ما سيجعله في مأزق شديد تلخصه وستخلصه منه هذه الكلمات (أن تكون أو أن لا تكون)، ولأي عاقل فإن الواجب، الذي يجدر به القيام به هو إثبات وجوده بما يصلح، وسنقف على معنى هذه الأخيرة يُحملنا على ذلك ما لها من أهمية، فحين ذكرت (بما يصلح) والكلام يعود إلى من يدرك حاجته إلى تفريغ طاقاته في الاتجاه السليم وما يصلح له منه، فما يستطيع الأول القيام به قد لا يتوافق وقدرات الثاني، وما يتمتع به الأخير لا يشترط بأن يتمتع به من سبقه، وتظل تلك الاختلافات اللاعب الأساسي، الذي يتحكم بأصول اللعبة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن اللعبة لا تفرض عليه البقاء في بقعة واحدة، فالحياة كملعب شاسع الاتساع يحتضن المهارات العالية، التي يمكن لها بأن تلعب في أي اتجاه طالما أنها تُجيد اللعب، مما يعني أنك تستطيع إثبات جودة ما تتمتع به وبجدارة وما يصلح لك من نفسك، إضافة إلى ما يتوافر لك من معطيات الحياة، وهو ما يأخذنا نحو ضرورة متابعة اللعب دون توقف، ودون البقاء، حيث أنت منتظر من الحياة بأن تلفظ لك فرصة قد تفر منك أيامك دون أن تجدها. إن موضوعنا لا يتعلق بالبطالة، وعدم إيجاد فرصة ثمينة تُثمن ما نملكه ونتمتع به، ولكنه يتعلق بالذات التي تستحق منا كل الاحترام حين نقويها أكثر، ونعلمها كيفية تحويل المحنة إلى منحة، فبقاء الفرد منا دون مهمة تشغله محنة شديدة لا تُحتمل، تؤثر بالنفس وتجعل صاحبها يشعر بوخزات النقص بين الحين والآخر، وهو ما يجعله أقل ثقة بما يملكه، وأكثر تخوفاً من غيره كل الوقت، خاصة أن مسألة الرزق ركيزة من ركائز الأمان، وتوترها يجعلنا تحت حالة من التوتر، تعبث بصمام الثقة، وتجعل صاحبها عاجزاً عن مواجهة الحياة، بلا درع أمان يحميه من شبح هموم الحياة، الذي يظل يطل عليه؛ ليرعبه ويقتات من خوفه، فعدم توافر العمل، الذي يمكن بأن يشغله؛ لينشغل به وإن لم يكن مناسباً يهدد وجوده ويجعله عرضة لمخاوف كثيرة تتعلق بوجوده ومكانته في حياته، كما أنه يشكل خطراً كبيراً يلتهم راحة باله، خاصة إن كان عائلاً لغيره، فهو ما سيُضاعف حجم المعاناة التي ستسيطر عليه ولفترة طويلة من الزمن لن تنتهي حتى يجد له عملاً يليق به، بعيداً كل البعد عن الكسب (غير المشروع)، الذي وللأسف يتوجه إليه البعض حين تُغلق الأبواب، وتنحل الفرص، والطبيعي أننا لا نركن إلى هذه النهاية التي تبدأ بدمار سيلحقه دمار أكبر لا خير فيه، وهو ودون شك ما لا نريده لأفراد المجتمع، الذين وإن تفشى بينهم هذا التوجه؛ لنُخر جسد المجتمع، ولصرنا عرضة لأمراض خطيرة ستهدد الأمن والأمان، وستجعلنا ننشغل بأمور تبعد كثيراً عن كل ما يتوجب علينا الانشغال به ويستحق منا ذلك. إن جدية هذا الموضوع قد فرضت علينا ضرورة التطرق إليه من جديد؛ لنتعرف بجديده ونتفق على ما يمكننا الخروج به؛ لتحسين وضعنا وتحويله للأفضل بما يصلح، وعليه فإليكم ما هو لكم. من همسات الزاوية البطالة صورة من صور العجز التي تكبل العطاء، والعطاء رحلة من الإبداع تكون حين تدرك ماهية الإبداع، وأنت وحدك من تقع عليه مهمة إدراك كل ذلك وربطه؛ كي تخرج بما تريده لك، وسيعبر عنك بشكل يوازي طموحاتك، والرحلة تبدأ من الداخل لا من الخارج، وعليه فلتبدأ؛ كي تصل.