10 سبتمبر 2025
تسجيلختمت آية الصيام ببيان العلة والغاية منه فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وهي والله السعادة لمن تسربل بها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) التقوى خير زاد المسلم في الحياة،أمر الله بالتزود منها فقال: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). هي زاد الصالحين وغنيمة المؤمنين، والأمان الذي لا خوف معه، والسعادة التي لا ندامة معها، وحقيقة التقوى تتمثل في فعل المأمورات واجتناب المنهيات. قال طلق بن حبيب: إذا وقعت الفتنة فأطفئوها بالتقوى. قالوا: يا أبا علي: وما التقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله. إن المنح الربانية لمن رزق التقوى عظيمة، ومن ذلك وعد الله لهم بتفريج كرباتهم وإخراجهم من كل ضيق وكربة وكفايتهم أرزاقهم، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وسبب نزول هذه الآية أن عوف بن مالك الأشجعي حين أسر المشركون ابنا له، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكا إليه الفاقة، وقال: إن العدو أسر ابني وجزعت الأم، فما تأمرني ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اتق الله واصبر، وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله "، فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالت: نعم ما أمرنا به، فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت هذه الآية. كما أن من فضائل التقوى أن يرزق العبد فرقانا يفرق به بين الحق والباطل، ويرزقه مع ذلك تكفير السيئات وغفران الذنوب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ). ولو أن العباد حققوا تقوى الله حقا لفتحت عليهم البركات وأبواب الخيرات: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). ومن فضائل تقوى الله الحفظ من كيد الكفار، قال تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً). وقال تعالى: (وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ). هو وليهم وهم أولياؤه ; لأنهم يوالونه بالطاعة والإيمان، وهو يواليهم بالرحمة والجزاء، وذلك في قوله - تعالى -:(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). وإذا كانت هذه البشارات في الدنيا فإنهم في الآخرة نعيم وكرامة ووعد بالنجاة من عذاب الله: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً). وقال تعالى (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). ومن كرامته على الله أنه يحشرهم يوم القيامة مكرمين آمنين: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً). كما وعد الله عز وجل المتقين بجنات النعيم، قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).