16 سبتمبر 2025
تسجيلتتنوع هموم الناس حسب ترتيب أولوياتهم في الحياة، ومهما كان نوع الهم الذي يعاني منه الشخص فلن يشعر به غيره، لأن الأخير لديه هموم من نوع آخر، ومن يرى أن همك بسيط ولا يحتاج كثرة التفكير فهو لم يعش تفاصيل شعورك، لهذا أنت أيضاً قد لا تشعر بهمومه ومدى عمقها وتأثيرها عليه. الصحة والمال والعلاقات الاجتماعية مثلث الهموم الذي تتفرع منه باقي الهموم، فالبعض مُبتلى بصحته أو بصحة أحد أفراد عائلته فتتوقف في عينيه باقي الأمور، ويرى أن الصحة تأتي على قائمة الأولويات وأنه إذا ما توفرت الصحة، فإن باقي الهموم تهون، شخص آخر لديه ضائقة مادية ويعاني من ديون أو من تَعثر في التجارة أو ليس لديه مصدر رزق ولا عمل، فهو يرى أن عدم توفر المال السبب الأول لهمومه، ويشعر أن الدنيا أغلقت في وجهه ولا يعرف الطريقة الصحيحة لتوفير المال، وإذا ما كان ملتزماً بدينه ومبادئه فإنه لن يسمح لمال الحرام أن يسري في يده فسنجده يعاني ويلات الهموم ويضرب كفاً بكف لتوفير قوت يومه أو احتياجات عائلته أو سداد ديونه حتى لا تتراكم عليه، أما هموم العلاقات الاجتماعية فقد تكون بين أفراد العائلة الواحدة وانقسامهم لأسباب عدة، منها اختلاف وجهات النظر أو عدم الاتفاق كما يحدث بين الأزواج، والتي قد تصل للطلاق أو مشاكل الأبناء أو أهل الزوج والزوجة وتدخلاتهم في تفاصيل الحياة، أو ربما الاختلاف على الميراث أو الحساسية التي تحدث بين الأخوة أو عيال العم وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى نفور بين الأقارب ومن ثم تُخلق الهموم التي تُولد بغضاء وعدم تَقّبل الآخر ويُخيم الحزن على كل الأطراف وقد يصابون بالعزلة ويلجأون للقطيعة نتيجة عدم إيجاد حلول مناسبة لهذه الهموم. الهموم عندما تتمكن من الإنسان تستهلك طاقته، وتحوله من إنسان حيوي إلى إنسان انطوائي يتجنب الآخرين حتى لا يوّرد لهم طاقته السلبية فهو لا يشعر بتصرفاته ومهما حاول الخروج من تلك الدائرة يجد نفسه مسجوناً بها لا محالة، وقد ينعكس ذلك مع الأيام على صحته ويصبح الهم هَمّين، الهم الأول مهما كان نوعه وهم تدهور الصحة، فالعلاقة مرتبطة بين الذهن والجسم وتلعب أفكارنا وعواطفنا دوراً مهماً في صحتنا، كما تبث الدراسات أن ارتباط الذهن بالجسم يؤثر إيجاباً أو سلباً على الصحة، فالمواقف والحالات العاطفية تؤدي إلى سلسلة من التفاعلات التي تؤثر على كيمياء الدم ومعدل ضربات القلب ونشاط كل خلية وعضو في الجسم مثل أعضاء الجهاز الهضمي والجهاز المناعي، ويمكن أن تؤثر على تفاعل الجسم مع التوتر الذي يمكن أن يسبب ألماً في الرأس أو الظهر، لذلك لابد من خفض مستوى الضغوطات النفسية التي يعيشها الفرد، لأنها تنعكس على مزاجه وأدائه وتعاملاته مع الآخرين، وربما قد يكون التكيّف مع الهموم والضغوطات قدر الإمكان أحد الحلول حتى لا يتعرض المهموم للأذى الجسدي، كما أن مراقبة النفس وتحديد أسباب التوتر وتدوينها قد تكون حلًا ولا مانع من اللجوء للمساعدة من الأهل أو الأصدقاء أو الأطباء المتخصصين لتجاوز هذه الهموم، تشتيت الغضب حل أيضاً، فعندما يحدث موقف يضايقك حاول التأني في ردة الفعل وربما لو تحدثت بالأمر قبل القيام بردة فعل ستختلف ردود أفعالك وستكون أقل حدة وتوتراً، النوم بعمق ومحاولة تصفية الذهن والبحث عن أدوات تجعل النوم هادئاً حل أيضاً، الخروج لمساحات خضراء أو أماكن طبيعية يساعد على خفض التوتر، لأنها تساعد على خفض الدم ومعدل ضربات القلب وتحسين الحالة المزاجية، فالجسم يملك القدرة على التأثير على الذهن والعكس صحيح، لذلك لابد من الاهتمام بالصحة النفسية والابتعاد قدر الإمكان عن الهموم والضغوطات النفسية ومراعاة مشاعر الآخرين، فكل مليء بهموم ولا تحتمل طاقته عُقد الآخرين النفسية، وكما تود أن تحظى بمزاج خالٍ من الهموم ابتعد عن أذية الغير لتنعم بعالم خالٍ من الهموم قدر الإمكان وبصحة جسدية معافاة. • (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) سورة البقرة في كتاب الله، وهي دعوة لكل مهموم ولكل محتاج ولكل مظلوم بالتوجه إلى الله فهو علام الغيوب وعارف بالنفوس وأدرى بالخير لكل منّا، وهو الوحيد القادر على قلب الموازين وتبديد همومك وتحويلها لسعادة بين ليلة وضحاها وما يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وأن أراد أمراً فيقول له كُن فيكون. [email protected] @amalabdulmalik