16 سبتمبر 2025
تسجيلكل ما يكون من الإنسان يُعبر عن كل ما يجوب أعماقه، وهو الوضع ذاته مع الكاتب، الذي يستلم قلمه؛ ليُسلمه مهمة الكشف عن تلك الأحداث التي تجوب أعماقه، وقد تتمتع بالحداثة أو قد لا تفعل؛ لأنها ليست سوى زمرة من تلك الأحداث التي لم تأخذ حيزاً يروقها بما فيه الكفاية من الماضي، فعاهدت نفسها على أن تلتزم بالظهور على السطح بين الحين والآخر حتى تُذكر وتأخذ الحق الذي تبحث عنه، وتبدأ تلك الرحلة وهي ترافق القلم؛ كي توجهه نحو ما تريد؛ لتخرج وفي نهاية المطاف بما تريده ونكتشف بأننا نريده أيضاً، غير أننا لم نكن لندرك ذلك في ذاك الحين. رغم تزاحم المهام في رأسي إلا أني أحاول بين الحين والآخر تسليط الضوء على أعماقي وما يدور فيها، والجميل أني أخرج بما يُسعدني ويساعدني بقدر ما يفعل بالآخرين من كلمات تُحفزني أكثر وتُشعلني أكثر وأكثر، كتلك التي خرجت بها المرة الأخيرة من خلال مساحة هذا العمود ضمن مقال (قل الحمدلله وستفلح)، المقال الذي راقني وبشدة؛ لأنه يُحفز النفس البشرية على البحث في أعماقها عن كل ما تريده هي، لا ما يريده الآخر، فهي الأهم، وهي وكنتيجة حتمية من تستحق كامل الاهتمام؛ كي تعطي وبإبداع تام، بينما توجيه الاهتمام نحو الآخر بالتركيز على كل صغيرة وكبيرة يُقبل عليها، لن يأخذها لأي مكان سوى تلك الزاوية التي تتراكم فيها تفاصيل الآخر، وتغيب عنها تفاصيلها كتلك التي كانت لتفتخر بها إن اهتمت بذاتها أكثر، والحق أن تلك الكلمات قد فتحت شهية قلمي أكثر، وحًملته على الكتابة بعد أن سال لعابه من روعة تلك الكلمات التي تركت أثرها العظيم في النفوس، وهو ما أدركته من الردود الرصينة التي وردتني شاكرة تلك الكلمات، وباحثة عن المزيد منها، مما لا زال يجوب الأعماق ويرغب بالخروج إلى السطح؛ كي يجد مكانه بين من يحتاج إليه فعلاً. إن ما ينبع من الأعماق ويتكون بفعل الظروف المُحيطة يجعلنا إما أن ننشغل به، أو نتركه يعيش كما يحلو له دون أن نتدخل؛ لتعديله، وبرغم أننا ندرك حقيقة أن ليس كل ما يسكن الأعماق يجبرنا على متابعته إلا أننا ننشغل ملياً ببعض تلك الأمور التي تصرفنا بعيداً عن الأهداف التي نحددها ونضعها نصب العيون؛ كي نجتهد من أجلها، وننجزها بشكل يليق بنا، فنشعر بأننا لن ننجح هنا أو هناك، فلا هو تنظيمنا لتلك الأمور التي تشغلنا حتى تسير وبشكل سليم، ولا هو اتمامنا لتلك الأهداف التي نرغب بتحقيقها، مما يجعلنا نعيش لحظات متوترة جداً نغيب معها عن عالم الواقع بكل ما يقع فيه؛ لنرحل بعيداً نحو ما لا ندرك ماهيته أبداً، والمصيبة إن امتدت ساعات الرحيل تلك، وابتعدنا معها عن حياتنا وما تفرضه علينا من مهام لابد وأن ننجزها من أجلنا أولاً، ومن أجل من نهتم بهم من بعدنا، وهو ما يجعلنا نبحث عن الحلول المناسبة التي يمكننا معها إدراك ما تبقى لنا في حياتنا؛ كي نعيشه وبسلام داخلي تحتاج إليه القلوب؛ كي تنعم بها، وهي تلك الحلول التي قد نجدها وقد نتأخر قبل أن نفعل، وما يحدث حتى يكون لنا ذلك أن الوقت يمضي ونحن حيث نحن لا نُقدم على جديد؛ لنُقدمه ويعبر عنا، ونظل كذلك حتى نتمرد على الوضع العام، ونأتي بما يمكنه تغيير كل شيء للأفضل، وهو ما يحتاج لعزم شديد، وقوة عظيمة نستمدها وكما ذكرت ومازلت أفعل من إيماننا بالله، وثقتنا برحمته الواسعة التي سنرتاح معها وإن ضاقت بنا الدنيا وصارت كخرم إبرة لن نشعر بضيقها إن رددنا (الله أكبر)، وكنا على يقين بأن كل هم يهيم بشره في عالمنا حتى وإن كَبُر فالله أكبر منه، وإن تخلصنا منه يكون بتقربنا أكثر من الله وإليه، والعبرة لمن يعتبر. من القلب وإليه قد لا يغيب الهدف عنك يوماً، ولكن الضباب الذي تفرضه الظروف يجعلك غائباً عن الوعي؛ لتحسب أنك لا تملك أي شيء يمكن أن تتقدم به، غير أنك وفي حقيقة الأمر تستطيع فعل الكثير، وهو ما يمكن أن يبدأ بالسير نحو أهدافك متجاوزاً ذاك الضباب وبكل قوة تمتلكها حتى تصل إلى كل ما تريده، وهو ما سيتحقق حتماً طالما أنك تدرك ومن الأعماق أن الله أكبر من أي شيء يمكن أن يعترض طريقك مهما كان حجمه.