18 سبتمبر 2025

تسجيل

تحديات وفرص للاقتصاديات الخليجية في 2015

04 يناير 2015

انتهى العام 2014 بهبوط حاد لأسعار النفط، الأمر الذي ترك تداعياته على أداء الاقتصاد الخليجي ولم تصل التأثيرات هذه لنهايتها بعد. المعروف بأن القطاع النفطي يشكل حجر الزاوية فيما يخص الإيرادات والصادرات ومكونات الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. ففي ظل غياب إيرادات من قبيل الضرائب، توفر الإيرادات النفطية مصادر التمويل اللازمة لنفقات القطاع العام وبدورها النشاط الاقتصادي. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد حصول انتعاش، ولو نسبيا، لأسعار النفط في عام 2015 لأسباب تشمل تسارع خطى النمو الاقتصادي العالمي عبر الاستفادة من انخفاض أسعار النفط، وتقلبات الطقس خلال فصل الشتاء، والتطورات الاجتماعية والسياسية في أي مكان في العالم. طبعا، المأمول حصول تغيير في سيكولوجية السوق ومعها مشاعر المتعاملين والمضاربين وهي من المسائل الحساسة. يعتقد أن سيكولوجية المتعاملين لعبت دورا في ظاهرة انخفاض أسعار النفط في الآونة الأخيرة عبر عمليات البيع والشراء. لحسن الحظ، تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بأوضاع مالية مميزة تمنحها مساحة للتكيف مع التطورات الحاصلة في سوق النفط العالمي. فحسب صندوق الثروة السيادية، تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي بصورة مجتمعة على ثروة هائلة تقدر بنحو 2.4 تريليون دولار، أي تقريبا 37 بالمائة من الثروة السيادية العالمية. وهذا يعني بشكل واضح عدم وجود للموارد المالية للتعامل مع تحدي انخفاض العوائد النفطية. مهما كانت التطورات في سوق النفط غير مرحب بها، لكنها توفر فرصة لتسريع عملية الإصلاحات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا في بعض الدول الأعضاء. لحسن الحظ، تقدر جميع حكومات دول مجلس التعاون أهمية فتح اقتصاداتها أمام المنافسة لما لذلك من تأثيرات إيجابية على أداء القطاعات ذات العلاقة وخير مثال على ذلك تجربة فتح قطاع الاتصالات أمام المنافسة، حيث تبين للجميع فوائد تعزيز المنافسة من خلال المنتجات والأسعار والخدمات. في التفاصيل، من شأن إحداث إصلاحات اقتصادية مثل إزالة جميع القيود المفروضة على الاستثمارات الأجنبية المساعدة في التصدي لتحدي البطالة في أوساط المواطنين والذي يشكل مصدر قلق متناميا. وجاء في تقرير أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي في أكتوبر 2014 حول البطالة في الوطن العالم العربي بأن البطالة معضلة على الخصوص في ثلاث دول في مجلس التعاون الخليجي. فحسب الدارسة المستفيضة، تقف معدلات البطالة عند 8.1 بالمائة، 7.4 بالمائة و5.6 بالمائة في سلطنة عمان والبحرين والمملكة العربية السعودية، على التوالي.كما يشير نفس التقرير لأمور أكثر خطورة في البلدان الثلاثة تتعلق ببطالة الشباب. تبلغ نسبة البطالة بين الشباب نحو 27.8 بالمائة و27.5 بالمائة و20.6 بالمائة في السعودية والبحرين وعمان على التوالي. مما لا شك فيه، تتسبب البطالة في أوساط الشباب والذين بدورهم يتمتعون بآخر ما وصل إليه العلم الحديث من المعرفة والمهارات هدر الطاقة وضياع فرص المساهمة في الاقتصادات المحلية.وفي هذا الصدد، لا توجد بطالة كبيرة بين السكان المحليين في الكويت على سبيل المثال، لسبب فريد من نوعه بين الاقتصادات العالمية. والإشارة هنا إلى حقيقة مفادها بأن 90 بالمائة من المواطنين الكويتيين يعملون في المؤسسات الرسمية والهيئات العامة الأخرى. يبقى السؤال هل من الممكن حصول استدامة لهذا الخيار مع مرور الزمن؟ من جهة أخرى، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي بصورة مجتمعة تحديات تتعلق بالتكامل الاقتصادي، مثل تطبيق مشروع الاتحاد الجمركي. وقد وافقت جميع الدول الأعضاء على التنفيذ لمشروع الاتحاد الجمركي في عام 2015 وتبين أن المنظومة الخليجية شرعت في تنفيذ الدليل الموحد للإجراءات الجمركية، الأمر الذي يشكل علامة فاصلة في مسيرة التعاون الاقتصادي الخليجي. وتتضمن الأمور الأخرى لتطبيق المشروع الاتفاق على صيغة لتوزيع عادل للرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء، مع الأخذ بعين الاعتبار ميناء الدخول والوجهة النهائية للسلع.وكانت القمة رقم 35 لدول مجلس التعاون الخليجي والتي عقدت في الدوحة، قد أكدت على أهمية المضي قدما في تنفيذ هذا المشروع الحيوي والذي يركز على وحدة المسائل الجمركية فيما يخص التعامل مع الدول الأخرى.كما أن هناك تحدي تعزيز المواطنة الخليجية عبر مشروع السوق الخليجية المشتركة والذي بدأ تنفيذه في مطلع العام 2008. يرتكز المشروع على منح الحرية لعوامل الإنتاج بالتحرك داخل اقتصادات دول مجلس التعاون الست. في المجموع، يشكل عام 2015 نقطة فاصلة في إدارة المالية العامة في دول مجلس التعاون في ظل تحدي انخفاض أسعار النفط، لما لذلك من تداعيات متنوعة ومتشعبة على اقتصادات دول مجلس التعاون.من جملة الأمور، يلاحظ وجود على الأقل في بعض دول مجلس التعاون لإعادة هندسة الدعم الحكومي المقدم للسلع والمنتجات والخدمات في خضم الحديث عن تداعيات أسعار النفط وأثر ذلك على إيرادات الخزانة العامة. وفي هذا الصدد، يوجد توجه في إحدى دول مجلس التعاون لرفع أسعار المشتقات النفطية في السوق المحلية عبر الحد من مستوى الدعم المقدم. وفيما يخص البحرين، فقد تم الإعلان قبل أيام عن قيمة الدعم الحكومي للسلع الرئيسية والتي يستفيد منها المواطن والمقيم على حد سواء، فضلا عن الشركات والمصانع، إذ بلغت نحو 4 مليارات دولار في عام 2014. ويعد هذا الرقم ضخما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي وقدره 30 مليار دولار ونفقات تقل قليلا عن 10 مليارات دولار للسنة المالية 2014. يتكون برنامج الدعم الحكومي من: 1) المشتقات النفطية والغاز 2) الكهرباء والماء 3) ثلاث سلع إستراتيجية، وهي تحديداً اللحوم الحمراء والطحين والدواجن. ختاما، يمكن اعتبار 2015 عاما لتعزيز خيار الإصلاحات الاقتصادية عبر الاستفادة الإيجابية من تراجع أسعار النفط وفي ذلك مصلحة جميع الأطراف ذات العلاقة.