16 سبتمبر 2025
تسجيلتفاصيل حياتنا مُقترنة بالصبر، الذي علينا التحلي به للوصول إلى أهدافنا أو لتسيير أمورنا بدءا من الدراسة ثم العمل والحياة العائلية والتعامل مع الأصدقاء والعامة من الناس، ورغم أن الإنسان خُلق عجولاً ويسعى أن يحصل على ما يريد بأقصى سرعة مهما كلفه ذلك إلا أن شعور الانتصار وبلوغ الأهداف بعد الصبر له مذاق خاص، فالصبر يعلمكَ دروساً مجانية في الحكمة وفي موازنة الأمور ومعرفة الشخصيات ويجعلك أكثر تأملاً بالبشر وأكثر تحملاً للألم ويخلق منك شخصية قوية يصعب هزيمتها. وبما أن الإنسان مخلوق ضعيف ومكون من أعصاب وأحاسيس فحتماً سيصاب ببعض اللحظات اليائسة التي قد تَعدله عن صبره وتُزيّن حلولاً أخرى في عينه ولكن قد يخسر الكثير إذا فقد صبره ولا محالة سيربح ما كان يصبو إليه إذا ما تحمل وان كان ذلك متعباً ويكلفه الوقت الطويل، وأكثر انتصارات الصبر هي تلك التي تأتي بعد ظلم طويل، وطالما عانى الكثير من ظلم من حولهم من أفراد عائلاتهم أو من أصدقائهم أو في وظائفهم وصبروا واحتسبوا أمرهم إلى الله ولم يردهم الله خاسرين لذلك أوصانا عز وجل بالصبر وبشرنا بما نحب بعده ( وَبَشِّر الصابرين) والحتمية التي تربينا عليها هي أننا وان لم نُنصف في الحياة الدنيا فإن الله بالتأكيد سينصفنا في الآخرة وسينصرنا على من ظلمنا وسيرضينا، وهذه القناعة التي يجب أن تكون قاعدتنا في الحياة أن نترك من آذانا وخذلنا للزمن ونحتسب أمرنا لله عز وجل المّطلع على الخفايا وأن يكون لدينا إيمان كامل بأنه لن يتركنا وأنه سيأخذ حقوقنا وأن ثمن ذلك الصبر فقط، ولا ينبغي أن يسعى الإنسان منا لأخذ حقه بيده أو اللجوء لطرق غير نظيفة أو غير أخلاقية لأن ذلك يُضِيع أجر صبره، فالانتظار ولو كان مراً ومتعباً إلاّ أنه وبالتأكيد ستكون نتائجه إيجابية في حالة الحُكم الرباني الذي سينصرك. تمر علينا حالات وأوضاع نفقد فيها القدرة على الصبر فنتخذ قرارات مصيرية،مثلاً في الزواج يعاني أحد الأطراف ولا يتحمل مواصلة الحياة مع الطرف الاخر غير القادر على إسعاده، فيستخير الله ويلهمه الله بالانفصال بعد ألم لا يُحتمل وهنا تكمن حكمة الله في إلهامك بالقرار سواء كان انفصالاً أو تحمل تلك الحياة التي سيؤجر صاحبها وسيُعوض خيراً، وفي الحقيقة لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها، فالله سبحانه على اطلاع بقدرات كل شخص منا وقدرته على الصبر والتحمل لهذا يلهمه بالقرار الصائب في الوقت المناسب الذي لا يستطيع أن يصبر بعدها لتتغير مسارات حياته وتُفتح له أبواب جديدة، أو أن يكافأ صبره بتغيّر الظروف حوله لتكون صالحة تماماً معه وتنفرج أزمته. الصبر لا يأتي من فراغ وعلى الإنسان تدريب نفسه على مصاعب الحياة وتغيير نفوس البشر بالصبر عليهم ومحاولة فهم ما وراء تلك الظروف المعقدة التي يمر بها وما الحكمة منها وما الدروس التي يمكن الاستفادة منها أثناء صبره، فَلَو كانت أمنياته تتحقق كما يريد في الوقت الذي يرغب لن يتعلم مفهوم الصبر ولن يتمكن من رؤية قصص كثيرة تهّون عليه مشكلته أثناء صبره ولن يعرف قيمة الأشياء ولا كيفية المحافظة عليها، لهذا الوصول للنجاح ليس سهلاً ويحتاج مثابرة وجهدا وإخلاصا وصبرا، والنجاح الذي تحصل عليه بعد تعب وجهد ألذ من ذلك الذي يأتيك على طبق من ذهب فلا تعرف كيف تحافظ عليه من الفشل لأن خططك لم تكن مدروسة وليست على أساس قوي ومخطط له. * كونوا من الصابرين الحامدين الشاكرين على ما يرتبه الله لكم فكل ما نمر به يكتب الله به لنا أجراً ويعلمنا حكمة الحياة ويعودنا للعودة له وحده لإنصافنا وإرضائنا. •إنما النصر صبر ساعة، اللهم نصراً لغزة وفلسطين.