12 سبتمبر 2025
تسجيلتمكنت حماس من تحقيق انتصارات متعددة الأبعاد على دولة الاحتلال الاسرائيلى ؛ ففى الميدان العسكرى تمكن أبطال المقاومة من كسر أسطورة الجيش الذى لا يقهر، وأثبتوا للبشرية كلها أن القوة الغاشمة لا تستطيع الصمود أمام رجال يملأ الإيمان قلوبهم، ولا يهابون الموت، ويستطيعون القتال من المسافة صفر. وهذا يشكل بداية مرحلة جديدة فى تاريخ الصراع ؛ سيكون له تأثيره على معنويات الأحرار فى كل أنحاء العالم ؛ حيث يوضح لهم بالأدلة العملية أنهم يستطيعون تحقيق الانتصارات وتحرير الأوطان، وأن الإنسان يمكن أن يتحدى غرور القوة المادية، ويقهر الجيوش التى تمتلك أسلحة الإبادة. لكن حماس حققت انتصارات فى ميادين أخرى، فقدمت للبشرية صورة المقاتل من أجل الحرية الذى يلتزم بأخلاقيات الحروب، والقيم الحضارية والإنسانية، ويتعامل مع الأسرى بكرم وعطف ورحمة لم يعد العالم يعرفها نتيجة تركيزه على التفكير المادي، وحسابات القوة الصلبة، والاستكبار العنصري. هذه المبادئ والقيم أعادت إلى الأذهان صورة صلاح الدين الأيوبى الذى حقق انتصارا عظيما على الصليبيين، وواجههم بكل قوة فى ميدان القتال، وحطم غرورهم بقوتهم الصلبة وبعدتهم وعتادهم.. وتمكن من أسر الآلاف منهم، لكنه تعامل مع الأسرى بمبادئ الإسلام العظيم، وبالكرم المستمد من حضارة الإسلام.. حيث تتم المحافظة على حياة الأسير لمبادلته بأسرى المسلمين وتحريرهم. وعاد الأسرى الصليبيون إلى أوروبا يكتبون القصص عن كرم الفارس المسلم صلاح الدين الأيوبى وجنوده الذين يمتلكون شجاعة القلب والضمير والمبادئ والأخلاق، وأدركت الكنيسة خطورة تلك القصص على عقول الأوروبيين وقلوبهم، فاستخدمت قوة الملوك فى مطاردة هؤلاء الأسرى، وحرق القصص التى كتبوها، واتهامهم بالهرطقة، والقيام بإعدام الكثير منهم بهدف اخفاء الحقائق. لكن حماس تمكنت من اعادة تلك الصورة الجميلة إلى أذهان البشرية، فبالرغم من قلة الطعام ؛ إلا أن أبطال المقاومة كانوا يؤثرون الأسرى على أنفسهم، ويقدمون لهم أطيب الطعام، ويعتنون بصحتهم، ويقوم أطباء المقاومة بعلاجهم، لذلك عمل جيش الاحتلال الاسرائيلى على إخفاء الحقائق بمنع وسائل الإعلام من الوصول إلى الأسرى حتى لا تتسرب القصة الجميلة إلى العالم. لكن بعض المشاهد عند تسليم الأسرى تثير الخيال، فأبطال المقاومة كانوا يساعدون أسراهم، ويحمونهم، ويتعاملون معهم بكرم ورحمة، وعبر الأسرى عن امتنانهم وشكرهم لأبطال المقاومة باستخدام إشارات الوداع، كما يفعل الضيوف عندما يغادرون منازل الكرام. المشاهد التى تسربت توضح أن المقاومة تكافح من أجل حرية الإنسان وتحرير الأرض، وانها كانت حريصة على حياة هؤلاء الأسرى، ولذلك كانت تحميهم من قصف جيش الاحتلال الاسرائيلى الذى يستخدم « اجراء هانيبال « لقتل أسراه، حتى لا يدفع ثمن اطلاق سراحهم.. وهكذا كانت المقاومة التى أسرتهم أكثر حرصا على حياتهم من دولة الاحتلال التى ينتمون لها. وتمكنت المقاومة من فرض شروطها بتحقيق التبادل، وتحرير حرائر وأطفال فلسطين الأسرى فى السجون الاسرائيلية، وبذلك وجهت رسالتها إلى الأمة العربية التى تحمل الكثير من الدلالات من أهمها أن المقاومة تحمى أعراض المسلمين وشرفهم وكرامتهم بتحرير الأسيرات، والأمة العربية تحمل الجميل لأبطال المقاومة، وتعرف فضلهم، وتفرح وهى تتابع مشهد خروج الأسيرات، وهذا يشكل نصرا عظيما بالمقاييس الحضارية العربية، فالعربى يعتز بحماية عرضه، والدفاع عنه. فى مشهد آخر، خرج أطفال فلسطين يروون قصصهم عن التعذيب فى السجون الاسرائيلية، وكيفية تعامل السجانين معهم، التى توضح خسة ونذالة الجندى الاسرائيلي، وغروره بقوته، وقسوة قلبه، وهى سمة موروثة فى الاسرائيلي، فقلبه أشد قسوة من الحجارة ؛ لا يحمل مشاعر انسانية. ولو أننا نمتلك وسائل اعلامية قوية لاستخدمنا قصص أطفال فلسطين الذين حررتهم المقاومة فى اثارة خيال الشعوب، وزيادة رفض الأحرار فى كل العالم لقسوة الاسرائيليين، واعادة رواية القصة من البداية، ليدرك العالم الجريمة ضد الانسانية التى ارتكبتها العصابات الصهيونية منذ عام 1948، وليعرف أن أبطال فلسطين هم أجمل وأنبل مقاتلين من أجل الحرية.