13 سبتمبر 2025

تسجيل

طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنا

03 نوفمبر 2020

كانت الجراحُ المفتوحةُ في كلِّ جسد خبيب بن عدي، رضي الله عنه، تؤلمُهُ، فيتشاغلُ عنها بالتسبيح والتكبير في قلبه، وكان ينظر إلى الناس الذين تمر بهم الناقة التي حمله المشركون عليها، ويدعو الله أن يهديهم إلى نور الإسلام. وفجأةً، شعرَ بألم عظيمٍ في خاصرتِهِ؛ إذ احتك جرحٌ غائر فيها بظهر الناقة، فتساقطت قطعٌ من اللحم والجلد اليابسين، فتذكر وجه الحبيبِ المصطفى، ﷺ، وشعر بأنه يحبه حباً عظيماً، وأن مواجعه تزول أمام هذا الحب النقي. ولما وصلت الناقة به إلى الموضع الذي قرر المشركون قتله فيه، طلب أن يصلي ركعتين، فأذنوا له، ثم اقترب منه أحدهم، وقال له: يا خبيب، أتحبُّ أنَّ محمدًا مكانك؟، فقال: واللهِ، ما أحبُّ أني في أهلي وأنَّ محمدًا شِيْكَ بشوكةٍ. ثم قتلوه، رضي الله عنه وأرضاه. بهذا الحبِّ العظيم لرسولنا الكريم، ﷺ، سيقف المسلمون بين يدي الله، يومَ القيامة، فيكون حبُّهم لله ورسوله، ﷺ، شفيعاً لهم بإذنه تعالى. منذ أسابيع، والشعوب العربية والإسلامية غاضبة مما حدث، وترفض أي محاولة لإنهاء هذا الغضب. واللافت للنظر في ردود الفعل أنها شعبيةٌ خالصةٌ ليس فيها أثرٌ لتوجيهات رسمية، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، هو المُستَهدف بالإساءة علانية ولن نقبل، نحن المسلمين، بمجرد الإشارة بسوء إلى خير البشر، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وللناس كافة. ولذلك، لم نطالب حكوماتنا باتخاذ خطوات سياسية، وإنما قمنا بأقل ما يمكننا القيام به فأوجعنا المسيئين والصليبيين الجدد والمتصهينين العرب. وعلى هوامش هذه الوقفة الشعبية الإسلامية العظيمة، يوجد مشهدانِ مضحكان: الأول هو ما يردده إعلام الانقلاب في مصر، والثاني ما يردده إعلام أبوظبي وذبابها الإلكتروني. فإعلام الانقلاب يكاد يتمزق غيظاً وهو يرى أن الشعب المصري الكريم يمارس حريته، ككل الشعوب العربية والإسلامية، دون أن ينادي بمطالب سياسية، لأن الإعلام يدرك أن ذلك يعني أن الشعب تجاوز نظامه الانقلابي المستبد، وأخذ يتوحَّدُ في نطاقٍ لا يمكن للنظام والإعلام الدخول فيه، ألا وهو النطاق النفسي العقائدي. ولذلك، أخذ المتطفلون على الإعلام والثقافة والفكر في مصر يحاولون مخاطبة المصريين بلسان الخائف على مصالحهم إن استمروا في ردود أفعالهم، وتناسوا أن عشرات الآلاف من النخب المثقفة والقيادية في السجون، وأن الملايين من الفلاحين فقدوا مصدر رزقهم بسبب بيع السيسي لحقوق مصر في مياه النيل، وأن مئات الآلاف يُطردون من مناطق سُكناهم لتقوم أبوظبي بإنشاء مناطق سياحية فيها، وأن قناة السويس مُهدَّدَة بالبوار، لأن أبوظبي اتفقت مع الكيان الصهيوني على تصدير النفط عَبُرَ الأراضي المحتلة، لتمرَّ أنابيب نفطها بين عشرات آلاف قبور الشهداء في تلك الديار المقدسة. أما الإعلام والذباب الإلكتروني في أبوظبي، فإنهما لا يتحدثان إلا عن الدولة الإماراتية (العظيمة) التي تقود العرب، وتواجه الأتراك. ويتناسيان أن بعض الدول العظمى ليست مجرد مالٍ حرامٍ يُنثر على العملاء، ولا مؤامراتٍ تُحاك ضد الدول والشعوب. ويغفلان عن أن مجرد الإيهام بوجود صراع تركي إماراتي هو أمر مضحك؛ فتركيا ليست مجرد دولة حقيقية ديمقراطية، وإنما هي القوة الصاعدة في العالم الإسلامي والعربي، بنتاجها الصناعي والتجاري والعسكري، وبسياساتها التي جعلتها مركزاً لاحترام ومحبة الشعوب العربية والإسلامية. فبالله عليكم، يا سياسيون ويا إعلاميون ويا ذباب إلكتروني في الإمارات، ماذا تتوقعون من الشعوب وهي تتابع (بطولات) قيادتكم في التصهين والعداء لكل عربي ومسلم؟ وماذا تنتظرون منها وأردوغان يقف بشموخ وهو يردد: طلعَ البدرُ علينا، ويعلن رَفْضَ بلاده للإساءة إلى الرسول، ﷺ، والإسلام والمسلمين؟. هل ستقولون إنه يدغدغُ مشاعر المسلمين؟ إن كان ذلك صحيحاً، فجزاه الله خيراً، وليتكم تدغدغون مشاعرهم مرةً واحدة بموقف فيه خيرٌ لهم. ونعود، مرةً أخرى، إلى المسيئين لنقول لهم: إن الغالبية العظمى من المسلمين لا يعملون طبالين لقيادتي أبوظبي والقاهرة وأشباههما الذين باعوا كل شيء ليبقوا؟، لقد تحقق لهم البقاء لكنهم أصبحوا منبوذين مكروهين من الأمة كلها، فهنيئاً لكم بهم. كلمة أخيرة: فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَـــــــواءُ فَإِنَّ أَبِيْ وَوَالِدَتِيْ وَعِــــرْضِي لِعِرْضِ مُحَـــــمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ [email protected]