19 سبتمبر 2025
تسجيللعل موقع الفيس بوك يتصدّر العوامل المؤثرة لإنتاج أدب جديد بميزة التواصل التفاعلي الخلاّق، وتوفير بيئة داعمة للأدب، من حيث استثمار عناصر التفاعل (أعجبني- تعليق- مشاركة- ترويج...) في استعادة ثنائية الصوت والصدى، وفي التالي راح مدوّنون مهتمون بالأدب يخصصون أماكن خاصة للأدب بعيداً عن التواصل الاجتماعي.وفي غضون سنوات قليلة تمدّدت الظاهرة، وكتبت نصوصا عذبة زاهدة في النشر الورقي، ومع سهولة التصفّح في أكثر من جهاز كالحاسوب والحاسوب المحمول (اللابتوب) واللويحات المختلفة، وأجهزة الهاتف الذكية، بات النصّ الأدبي متاحاً لجميع أبناء القبيلة الجديدة، الباحثين عمّا يغويهم.وشهدت الصفحات الافتراضية المتناسلة زيارات كثيرة وصل بعضها إلى أرقام غير مسبوقة تتعدى الألف أحياناً، لأكثر من سبب أهمها الذكاء الاجتماعي لأصحاب النصوص وهم يتخطون المحظور الاجتماعي والديني والسياسي، أو بسبب الحدث السياسي الساخن الذي ينعكس على الجانب الأدبي كما في صفحات الأدباء المتعاطين مع الشأن السياسي في سوريّة مثلاً بسبب مواقف متطرفة، استطاعت أن تجذب قاعدة كبيرة إلى صاحب الصفحة كمتابعين. ولكنّ ما نسعى إلى البحث فيه عمّا آل إليه النصّ الأدبي بعد انتقاله من مضارب الورق إلى الشقق الضيقة في المهبّ الافتراضي.يمكن القول إنّ التجارب أفرزت ثلاثة اتجاهات متجاورة تتقاطع فيما بينها؛ الأوّل يذهب بكلّ ما أوتي من قوّة في هذا العالم الجديد، فجعل من هذا الوسيط عالمه، غايةً ووسيلة، فطلقوا عالم الورق بالثلاثة، واستثمروا كلّ مواهبهم في هذا العالم، وباتت نصوصهم تصلنا دواوين وكتباً عبر ملفات الـ word والـ Pdfولا يعولون على الماضي، الذي يتندرون عليه غالباً كما يصرح بعضهم :" لست محتاجاً لمحاباة محرر الصفحة الأدبية" أو " حمّل أكثر من عشرة آلاف ديواني، فيما طبعات الورق لا تتجاوز الألف نسخة، لا يوزع ربعها". فيما يذهب الفريق الثاني إلى استثمار هذا العالم لتجريب النص الأدبي في تخلقه الأول، وتعرف قيمته الأدبية من عدد (اللايكات) و تعليقات المعجبين والزملاء والنقاد التي وإن غلب عليها طابع المجاملة إلا أن الكاتب الحصيف قادر على استشفاف مكامن الضعف، والقدرة على التعديل، وأصحاب هذا الاتجاه يقيمون بين ضفّتين ويجدفّون بأشرعتهم هنا وهناك، وقد كثرت شريحتهم بعد انتقال الصحف الورقية إلى مواقع ألكترونية.فيما ظلّ الفريق الثالث مشدوداً إلى الماضي، واقفاً على أعتاب هذا العالم الجديد بحذر، ليس له من التعاطي مع هذا العالم إلا نشر أعمال قديمة، لأن الجديد على النتّ عرضة للسرقة.لكنّ غياب الرقيب والناقد وحضور الجمهور بلايكاته وأحكامه الانطباعية، جعل للنصوص الجديدة سلطاناً مخيفاً، ولأصحابه نجومية محلّ نظر، غير أن هذه قاعدة السوق، فكلّ شعرية جديدة شهدت تحطيماً لعمود السابق.