18 ديسمبر 2025

تسجيل

دول الخليج في مؤشر ممارسة الأعمال 2014

03 نوفمبر 2013

مع بعض الاستثناءات، تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام إلى تحسين بيئة الأعمال لضمان حصولها على أفضل المراتب في تقرير ممارسة الأعمال. على أقل تقدير، هذه هي رسالة تقرير ممارسة الأعمال للعام 2014 والذي صدر حديثا بواسطة البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية أي مجموعة البنك الدولي. تحصل الاقتصادات المشمولة في التقرير السنوي على علامات تتكون من 10 متغيرات أو مجالات إجرائية. تشمل هذه الإجراءات مدى سهولة بدء النشاط التجاري وتسوية حالات الإعسار والتجارة عبر الحدود والحصول على تصاريح للإنشاء وحماية المستثمرين وقدرتهم للحصول على مصادر للتمويل. يغطي التقرير الأخير في نسخته رقم 11 تحديدا 189 اقتصادا بزيادة أربع دول وبالتالي السواد الأعظم من دول العالم. المحور الجوهري للتقرير عبارة عن مدى قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العمل وتحقيق نتائج ملموسة في الاقتصادات المختلفة. يشتهر التقرير بمقارنته أداء غالبية دول العالم بناء على إحصاءات محدثة بالنسبة لأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعد حيوية في عالم اليوم بالنظر لقدرتها على إيجاد فرص عمل جديدة وبشكل سريع نسبيا. طبعا لا تنطبق هذه الحقيقة بالضرورة بالنسبة للشركات الكبيرة، والحال كذلك للدوائر الرسمية والتي قد تعاني من حالة البيروقراطية. بكل تأكيد ينطبق الحديث حول أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على المنظومة الخليجية بالنظر لشبه تشبع التوظيف في المؤسسات الرسمية. على سبيل المثال، يوفر القطاع العام والمؤسسات التابعة للدولة قرابة 90 في المائة من فرص العمل للعمالة المواطنة في الكويت. وهذا يعني عمليا محدودية القدرة على إيجاد فرص عمل جديدة في الأجهزة الرسمية. وربما هذا يفسر جزئيا بعض الأسباب التي تكمن وراء حلول الكويت في المرتبة رقم 104 دوليا في التقرير متراجعة 22 مرتبة أي الأسوأ خليجيا جملة وتفصيلا. يعد هذا الأمر واقعا غير إيجابي بطبيعة الحال كونه يستهلك نسبة مؤثرة من إمكانات الموازنة العامة. كما يكشف ذلك عدم رغبة المواطنين للعمل في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد لأسباب تشمل المستقبل الوظيفي والراتب من جهة وتوافر البديل بالانضمام للقطاع العام من جهة أخرى. في المحصلة، تبين من التقرير تميز الإمارات بين سائر دول مجلس التعاون الخليجي في تحسين ترتيبها حيث تقدمت ثلاث مراتب وعليه حلت في المرتبة رقم 23 دوليا. وهذا يعني حلول الإمارات محل السعودية في زعامة الترتيب الخليجي والعربي في التقرير السنوي. فضلا عن الإمارات والتي تمكنت من تعزيز تريبها، فقد حافظت عمان على ترتيبها السابق. في المقابل، تراجع ترتيب الدول الأربع الأخرى خصوصا الكويت ما يعد أمرا مقلقا وبحاجة إلى معالجة كوننا نعيش في عصر العولمة حيث المنافسة دولية. بمزيد من التمعن، واصلت السعودية تجربة خسارة ترتيبها في التقرير، إذ تراجع 4 مراتب في تقرير العام 2014 فضلا عن 7 مراتب في تقرير 2013 أي 11 مرتبة في غضون سنتين. بالعودة للوراء، تمكنت السعودية من تحقيق مراتب متقدمة في إطار محاولاتها واستعدادها بالدخول لمنظمة التجارة العالمية وهذا ما حصل فعلا في العام 2005. من جملة الأمور، أقدمت السلطات السعودية على تقليص عدد الأنشطة المحظور على المستثمرين الدوليين الاستثمار فيها فيما عرفت بالقائمة السلبية. على سبيل المثال، فقد تم السماح للبنوك الأجنبية بفتح فروع لها الأمر الذي عزز من الفرص التمويلية المتاحة أمام المستثمرين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المترامية الأطراف. من جهة أخرى، يحد المزيد من التدخل الرسمي مثل تنظيم سوق العمل عبر برنامج نطاقات والذي دخل حيز التنفيذ بداية شهر يوليو من مساحة الحرية الممنوحة لمؤسسات القطاع الخاص بالنسبة لتوفير الوظائف لمن يرغبون دون رقيب. يهدف البرنامج لتحقيق أهداف نبيلة منها جعل المواطن السعودي الخيار المفضل للعمل في القطاع الخاص لكن بشرط عدم المساس بحقوق المؤسسات والمستثمرين. إضافة إلى ذلك، نجحت الإمارات في تحقيق إصلاحات في 3 مواقع أي الأفضل خليجيا مقارنة مع نمو في مجال واحد لكل من البحرين وقطر والكويت. في المقابل، لم يرصد التقرير أي مستوى للإصلاح ضمن متغيراته بالنسبة للممارسة الأعمال فيما يخص السعودية وعمان. باختصار، مواقع الإصلاحات التجارية بالنسبة للإمارات عبارة عن إلغاء شرط مجيء مفتشين للموقع لغرض المعاينة قبل الترخيص لمنح الكهرباء فضلا عن تقليص المدة الزمنية المطلوبة للحصول على الخدمة. ويتعلق الإصلاح الثاني بالتسجيل العقاري من خلال زيادة ساعات العمل وتخفيض الرسوم المفروضة. ويرتبط الأمر الثالث بتعزيز الحماية الممنوحة للمستثمرين من خلال المطالبة بمزيد من الإفصاح في التقارير السنوية والمعاملات من خلال البورصة، إذ قد يصل الحال لإمكانية رفع قضايا في المحاكم ضد أعضاء مجلس الإدارة في حال فشلهم في تعزيز الحماية الجديدة المنصوص عليها. مؤكدا، لا يمكن إغفال وجود علاقة بين القدرة على ممارسة الأعمال التجارية من وحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة من جهة أخرى. فحسب تقرير الاستثمار العالمي للعام 2013 ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) فقد تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية من 16.3 مليار دولار في العام 2011 إلى 12.1 مليار دولار في 2012. على النقيض، تعززت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للإمارات من 5.5 مليار في 2010 إلى 7.7 مليار دولار في 2011 ومن ثم 9.7 مليار دولار في 2012. بنظرة إجمالية، يكشف تقرير ممارسة أداء الأعمال للعام 2014 قدرة المنظومة الخليجية والعربية متمثلة في الإمارات بتحقيق إنجازات على المستوى العالمي. بمعنى آخر، تمكن 22 اقتصادا دوليا لا أكثر من التقدم على الإمارات ما يمثل تميزا ليس فقط للمنظومة الخليجية بل العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.