14 سبتمبر 2025
تسجيليُعد عام 2022 عاما استثنائيا، إذ تحتضن دولة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم. وهو ما يعني التوافد الغفير للوفود السياحية إلى الدوحة بحثا عن مقطن لفترة قصيرة في سبيل الاستمتاع بأجواء كأس العالم وما يصاحبها من نشاطات بجانب البطولة ذاتها. إلا أنه مع اقتراب كأس العالم يوما بعد يوم، تردني العديد من التساؤلات من قبل المستأجرين بشأن حق المؤجر في إنهاء عقود الإيجار السارية وطرد المستأجرين من العين المؤجرة لكي ينفرد المؤجر بتأجيرها بسعر يضاهي الطلب المحلي خلال فترة كأس العالم وتوافد مئات الآلاف من السياح. وللإجابة عن هذا السؤال بشكل عملي ينبغي الإشارة للآتي: 1- أن عقد الإيجار هو عقد رضائي ينعقد بتوافر الرضا من قبل المؤجر والمستأجر دون الحاجة لإفراغة إلى قالب شكلي معين. وعلى الرغم من أن قانون الإيجار رقم (4) من العام 2008 في المادة الثالثة نصت أنه («تُبرم عقود الإيجار الخاضعة لأحكام هذا القانون كتابة... ولا تُسمع أية طلبات يقدمها المؤجر أمام اللجنة أو القضاء وتكون ناشئة عن عقد الإيجار إلا إذا كان العقد مسجلاً بالمكتب»)، إلا أننا نعتقد بأن الكتابة ليست شرطا للانعقاد، وإلا تحول عقد الإيجار لعقد شكلي، بل شرطا للإثبات والدليل على ذلك سماح الشارع للمستأجر بأن يثبت واقعة التأجير بكافة وسائل الإثبات. 2- أن عقد الإيجار – كأصل عام – بمجرد انعقاده بين طرفي التعاقد يكون ملزما لطرفي العقد وفقا للقاعدة: العقد شريعة المتعاقدين. وهو ما يعني بأن الأطراف اتجهت إرادتهم على قانون خاص فيما بينهم ولا يجوز لأحد منهم التنصل من التزاماته التعاقدية بالإرادة المنفردة. حيث إن عقد الإيجار بوصفه من العقود المسماة وهو عقد من العقود المعاوضة، يرتب التزامات على طرفي العقد. فيلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجر وعدم التعرض المادي أو القانوني لمنفعة المستأجر، في حين أن الأخير يلتزم بدفع الأجرة بوقتها المحدد، والمحافظة على العين كما استلمها بالإضافة إلى التزامه برد العين حين انتهاء عقد الإيجار. 3- إلا أن بعض المؤجرين – وتنصلا من مبدأ سلطان الإرادة – الذي ينص بأن الإرادة حرة في أن تلزم نفسها فيما شاءت، وقد شاءت إرادة الأطراف في أن تلزم نفسها في عقد محدد المدة - فرضا - بأجرة معينة وبشروط متفق عليه. يلجأ بعض المؤجرين لفسخ عقد الإيجار – بعيدا عن الإرادة المنفردة – وذلك عبر اللجوء إلى حيلة قانونية تجعل لهم حجة أمام لجنة فض المنازعات الإيجارية في فسخ عقد الإيجار والإخلاء الجبري وسداد ما يتبقى من الأجرة إلى حين الإخلاء. والخطورة تكمن بأن قرار لجنة فض المنازعات الإيجارية – كدرجة ابتدائية – قراراتها تكون في حكم السندات التنفيذية التي تبيح لمن صدر له القرار بأن يقوم بالشروع بإجراءات التنفيذ مباشرة دون أن يتمكن المنفذ ضده من وقف القرار عبر الاستشكال أو طلب وقف التنفيذ حيث إن المحكمة المختصة في وقف تنفيذ قرارات اللجنة في نفاذ النفاذ المعجل هي محكمة الاستئناف المختصة التي قد تستغرق وقتا في الفصل في التظلم بعد تنفيذ قرار الإخلاء مما يترتب عليه الضرر الجسيم للمنفذ ضده المستأجر. 4- لذلك – كمحامٍ – نوصي المستأجر بأن يقوم بسداد الأجرة بوقتها حسبما ينص عليه عقد الإيجار، وإن خلا الأخير من الميعاد، يسدد المستأجر الأجرة في موعد لا يجاوز سبعة أيام من التاريخ المحدد في العقد لاستحقاقها. ويجب أن يحصل المستأجر عند سداد الأجرة على إيصال من المؤجر يفيد السداد. إذ إن الخطورة في عقد الإيجار أن المستأجر يقع عليه عبء إثبات أنه قد قام بدفع الأجرة. وهو ما يفيد بأنه في حالة قيام المؤجر برفع دعوى أمام اللجنة بشأن عدم سداد المستأجر الأجرة، فستكون كفة الدعوى لصالحه في حال لم يستطع المستأجر إرفاق ما يفيد السداد سواء كان إيصال قبض، سحب شيك بنكي، أو تحويلا بنكيا إلى حساب المستفيد. 5- ولذلك، يلجأ بعض المؤجرين إلى بعض الحيل لكي يكون قرار اللجنة لصالحهم، ومنها الامتناع عن استلام الأجرة على الرغم من عرض المستأجر للأخير لاستلامها. وبذلك يستفيد المؤجر من المادة رقم 19 من قانون الإيجارات التي تنص («يجوز للمؤجر، ولو قبل انتهاء عقد الإيجار، أن يطلب من اللجنة إخلاء العين المؤجرة في الحالات الآتية: 1- إذا لم يقم المستأجر، بالوفاء بالأجرة في ميعاد استحقاقها، ما لم يقدم عذراً تقبله اللجنة»). 6- وقد فطن المشرع لمدى استفادة بعض المؤجرين إلى هذه الثغرة، فأوجد سبيلا إلى المستأجر إلى الوفاء بما في ذمته وفاء تاما في حال امتناع المؤجر عن استلام الأجرة وذلك حسب نظام العرض والإيداع. والمقصود بذلك بأن يقوم المستأجر – إبراء لذمته – بالعرض الحقيقي للأجرة والإيداع الحقيقي لها حيث لا يحول بينها وبين المؤجر أي عراقيل في سبيل تحصيلها. وفي حال عدم تحصيل الأجرة من قبل الأخير، فإنه لا يقع خطأ على المستأجر. حيث تنص 11 من قانون الإيجارات («فإذا امتنع المؤجر عن استلام الأجرة وإعطاء سند المخالصة عنها، فللمستأجر، قبل مضي سبعة أيام من تاريخ امتناع المؤجر أن يخطره بكتاب مسجل على عنوانه المثبت في العقد بوجوب استلام الأجرة خلال سبعة أيام، فإذا لم يتسلمها المؤجر خلال هذا التاريخ، يودع المستأجر الأجرة خلال الأسبوع التالي خزانة اللجنة بدون رسوم»). 7- أخيرا، لا شك بأن كثيرا من عقود الإيجار الحالية تنتهي في شهر سبتمبر أو أكتوبر من العام الحالي. ولما كان أن عقد الإيجار ينتهي كأصل عام بانتهائه، إلا أن هذه القاعدة مكملة ويجوز للأطراف الاتفاق خلافها. ما يهمنا أن ينتبه المستأجر – في بنود عقد الإيجار- إلى مسألة تمديد عقد الإيجار. فقد يتطلب العقد إما تدخلا إيجابيا من قبل أحد المتعاقدين بإخطار الأخر، أو التدخل السلبي في حال عدم إخطار أحد الأطراف للآخر، يمتد العقد لمدة جديدة. فقد ينص العقد بأن عقد الإيجار يمتد بذات الشروط والأحكام والمدة في حال عدم قام المستأجر بإخطار المؤجر على الأقل قبل شهرين من انتهاء عقد الإيجار (حسب الطريقة التي اتفق خلالها الأطراف في الإخطار فقد يكون كتابا مسجلا بعلم الوصول أو ببرقية وما يقوم مقامها). وقد ينص عقد الإيجار بأن عقد الإيجار ينتهي بانتهاء مدته إلا في حالة إخطار أحد طرفي العقد برغبته في التمديد. وقد لا ينص العقد على مسألة الإنهاء إلا أن المستأجر يظل منتفعا بالعين ويقبل المؤجر الأجرة للشهر بعد انتهاء العين وهو ما يفيد تجديد عقد الإيجار.