13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قام الكونجرس الأمريكي بتمرير قانون JASTA "العدالة ضد رعاة الإرهاب" Justice Against Sponsors of Terrorism Act الذي أثار الجدل داخل وخارج الولايات المتحدة، حيث استخدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الفيتو ضده، إلا أن مجلسي النواب والشيوخ تخطيا فيتو الرئيس، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تخطي فيتو الرئيس خلال ١٢ فيتو استخدمه الرئيس الأمريكي أثناء فترة رئاسته. رغم أن القانون لا يسمي دولًا بعينها، إلا أن المستهدف في هذا القانون هي المملكة العربية السعودية، والإدعاء زيفًا وبهتانًا بأنها مضطلعة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، رغم أن لجنة التحقيق الأمريكية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر نشرت تقريرا يؤكد عدم اضطلاع المملكة بالهجمات، أو حتى علمها بوقوعها. عندما يتعلق الأمر بالعلاقات السعودية ـ الأمريكية، فنحن نتحدث عن علاقة أكثر من ٧٠ عاما تربط البلدين، وتربط مصالح وقضايا مشتركة، أمنية واقتصادية، ودبلوماسية على وجه الخصوص. حيث تمتلك السعودية ١١٧ مليار دولار من سندات الخزينة الأمريكية بالإضافة إلى ٧٥٠ مليار دولار لأصول مختلفة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاستثمارات السعودية الأخرى. أما أمنيًا، فالتعاون يأخذ جوانب شتى أبرزها التعاون في مجال الإرهاب واحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة، بالإضافة إلى الدور البارز الذي تقوم به المملكة في التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش منذ عام ٢٠١٤، كذلك فهنالك التعاون على المستوى السياسي، فيما يتعلق بملفات إقليمية مثل سوريا وغيرها، أي أن المملكة العربية السعودية هي حليف وشريك رئيس في تلك القضايا لا يمكن الاستغناء عنه، وتعد المملكة قوة إقليمية ترسخ التوازن في المنطقة، أبرزها دورها القيادي في تشكيل "قوات التحالف الإسلامي" الذي شُكل في ٢٠١٥. كذلك، فالسعودية لطالما عانت من الإرهاب من خلال سلسلة هجمات ضربت المملكة وأخرى استطاعت بنجاح إحباطها. حتى فيما يتعلق بتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن منذ أيام القاعدة الأولى دأبت السعودية على مكافحة الإرهاب بشتى الوسائل، حيث سحبت جواز سفره ولجأ إلى السودان، ثم رحل منها ليستقر في أفغانستان. ومن هنا، القول بأن السعودية مسؤولة عن القاعدة ومن ثم داعش والإرهاب، هو قول باطل، وتعليق فشل عمل أجهزة الاستخبارات من جهة، ومن جهة أخرى، داعش وجد ملاذه في دول ذات حكومات فاشلة يستطيع داعش التمدد فيها.الأمر الأدهى بعد تمرير الكونجرس الأمريكي قانون جاستا، أتضح أن بعض أعضاء الكونجرس لم يقرأوا نص مشروع القانون المكون من ٢٨ صفحة، ولم يتم الاطلاع على بنوده أو مناقشتها، ولا أعني فقط عدم درايتهم بأن القانون يخالف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وأنه ينتهك الحصانة السيادية للدول، بل إن القانون الذي صوتوا عليه، سوف يضر الولايات المتحدة نفسها قبل أن يضمن الحقوق للأمريكيين بالأخص عائلات ضحايا هجمات سبتمبر. فقانون جاستا، يضمن مبدأ "المعاملة بالمثل" أي أنه تستطيع الدول التي تضررت من الولايات المتحدة مقاضاتها، ليست الحكومة الأمريكية فحسب، بل أيضًا الدبلوماسيين الأمريكيين، الجنود، وحتى الشركات الأمريكية. وليس بمستغرب، فصور التعذيب في أبوغريب في العراق، وصور ضحايا كل المناطق التي خاضت الولايات المتحدة فيها الحروب مثل أفغانستان وفيتنام وغيرها، أعاد البعض نشرها وتداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، للتذكير لربما أن هنالك ضحايا آخرين، لم ولن يأخذوا حقوقهم. هذا الأمر لم يفكر به المشرعون الأمريكيون قبل التصويت على هكذا قرار، رغم تحذير رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية جون برينان من مغبة التصويت على هذا القانون، وحتى المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست وصف التصويت على القانون لاحقا بـ"المحرج".لكن يبقى السؤال، كيف يثبت اضطلاع الحكومات أو الأشخاص بتهم تتعلق بالإرهاب؟ خصوصا وأنه لا يوجد تعريف موحد للإرهاب، وحتى الجماعات التي تعتبر إرهابية عند دولة ما، فهي لا تعتبر كذلك في دولة أخرى. بالإضافة إلى الوقت والجهد والأموال التي سوف تضيع في أروقة المحاكم لمقاضاة الدول والأفراد، قد تكون بلا جدوى، وبالتالي لا مستفيد هنا، سوى المحامين المحصلين للأتعاب، إن استطاع الموكلين تحمل الأتعاب. بتشريع قانون كهذا، قبل الانتخابات الأمريكية الرئاسية، يؤكد أن ميزان العدالة مائل، وأن تشريع هذا القانون ما هو إلا سوء استخدام لحق سياسي استخدمه المشرعون الأمريكيون.