12 سبتمبر 2025

تسجيل

الغفلة والتغافل

03 أكتوبر 2012

بين التغافل والغفلة مقدار ضئيل من الانتباه والتركيز، فان تتغافل عن شيء ما منتبهاً لاحتمالية تأثرك به، وغفلتك عن شيء لأنك لم تنتبه له أصلاً، تُحدث فرقاً في تعاطيك مع الحياة. فتجاهل بعض الأمور وبعض الوجوه اختيار اجمعت عليه حواسك الكاملة، انك لا تريده أو لا تحبه في حياتك، ووقوعها عليك تؤكد أن حواسك فيها كانت معطلة أو غير مدركة لتربصها بك، إذن الفرق واضح ومع هذا تمضي بنا الحياة لنجرب كل شيء. اتخاذ القرار الحاسم أحد أهم الأمور التي أؤمن بها في حياتي، فالحياة سنعيشها مرة واحدة، وقراراتنا بأن نختار طريقتنا فيها أو من يمشي إلى جانبنا في طريقها هو أحد أهم القرارات التي تجعلنا نعيش بشكل بأفضل، وبأقل الأوجاع والخسائر. في أحيان كثيرة تغلب علينا طيبة قلوبنا، فنتسامح ونغفر ونمضي دافعين الحياة لتعبر بنا إلى أحضان الأمان، ولكن كثيرا ما تخُدش أرواحنا وتجرح لحد النزف، أحياناً نتوقف عاجزين عن المضي في كرم أخلاقنا وطيبة قلوبنا، لأن القسوة التي تصدمنا بها الحياة ومن فيها أكبر بكثير من استيعابنا ومن قدرتنا على الاحتمال، وفي خضم صدماتنا نبحث عن شماعات نعلق عليها خيباتنا وتأثر قلوبنا، ربما لأننا قبلنا بالتضحية منذ البداية بأجمل الأشياء الجميلة التي نحملها في دواخلنا أو من أجل ما نحمله من خير وحب للحياة والبشر، وفجأة وفي ذات يوم نستيقظ على كم التغيير الكبير الذي أُحدث فينا، فنتقلب كما تتقلب الحياة، نغير أفكارنا وقناعاتنا فقط لنكون بسلام وكي لا نتعرض مرة أخرى لذات الصفعة والألم. قد يكون في اتخاذ القرار صعوبة تجعلنا أحياناً نستمر في ذات الأخطاء، ربما لأن الشيء الجميل فينا كان أكبر من أن يتنازل عن ذاته، ولكن عندما نسأل أنفسنا إلى متى وكم سنتحمل، قد نقبل بالتغيير وقد نتغير لا شعورياً. السلام هو الشعور الذي نرغبه بشدة دائماً، لأنه مكون من مزيج مهم، الأمان والاستقرار وراحة البال والضمير، ومن أجل حصولنا عليه نتنازل أحياناً عن بعضنا وعن أشياء نحبها في أنفسنا، وفي سبيله يعاملنا البعض بقسوة لأنهم اعتادوا علينا ودودين مستجيبين لهم ومعاكستنا لاتجاهاتهم تكشف حقائقهم دائماً أمامنا. الآن.. المسألة كلها متوقفة على انتباهنا لتفاصيل الأشياء حولنا ومقدار المساحات التي نتركها لتنال منا. إذن أن نحب أنفسنا ليس خطأ نخجل منه بل هو حل لقياس أحقيتنا في السعادة، وحب أنفسنا لا يعني ألا نرى إلا أنفسنا أو نكون جاحدين للحياة أو الآخرين، بل أن نفكر بأن أرواحنا تستحق الأجمل دون اضرار بأحد. اختيارك لرفاقك، لأصدقائك، للشريك الذي يرافق مسيرتك الحياتية، للهدوء، لحاجتك أن تكون بأمان وخير، حق مشروع يجب ألا تتنازل عنه للظروف من أجل ما لا يستحق. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. كثير من الأمور تضايقنا وتجعلنا أسرى لها، ولكن لابد لنا من التحكم فيها والأهم التحكم في معرفة ماذا نريد ومن نريد.