12 سبتمبر 2025
تسجيلأصبحت الإنسانية تحتاج إلى نوعية جديدة من العلماء والمفكرين يمتلكون الشجاعة لطرح أسئلة جديدة تثير الخيال، وتفتح آفاقا جديدة للتفكير. ومشكلة الغرب أن العلماء فيه فقدوا القدرة على التفكير خارج صندوق الرأسمالية المادية، ومشروع التنوير الغربي الذي كان سببا في المأساة التي تتعرض لها الشعوب. أما في الجنوب الفقير فقد قيدت النظم الاستبدادية حرية التفكير والتعبير والبحث العلمي، وأصبح العلماء يتمتعون بحقهم في الاختيار بين السجن والمنفى. هل نستطيع أن نكرر التجربة التاريخية؟! لذلك سأطرح عليك أنت هذا السؤال: هل يمكن أن يقود الإسلام الشعوب لبناء حضارة جديدة تحقق للناس العدل والحرية والكرامة، ويتم فيها توظيف الثروات الطبيعية والمادية والبشرية لحماية الحق في الحياة، والتمتع بنعم الله سبحانه وتعالي دون إسراف وتبذير أو تقتير أو جباية. قبل أن تجيب سأقدم لك بعض الحقائق التي يمكن أن تضيئ الطريق من أهمها أن المسلمين تمكنوا من بناء حضارة عظيمة تمتع فيها الناس بكل هذه الحقوق طوال قرون عديدة، وفي هذه الحضارة تم حماية كرامة الناس وحريتهم، فانطلقت عقولهم تبتكر وتنتج وتقدم أفكارا جديدة وتطور العلوم، وعاش الناس حياة طيبة. دراسة تاريخ الحضارة الاسلامية بمناهج علمية جديدة، وبرؤية متحررة من التبعية للغرب يمكن أن توضح لنا كيف يمكن أن نبني حضارة المستقبل.. لكن هل يمكن أن تشارك أنت في توعية الشعوب، ومحاربة التزييف والتضليل الغربي؟. بالتأكيد أنت تستطيع عندما تستعيد وعيك بالتجربة العظيمة التي قدمها أجدادك المسلمون للبشرية.. ففي خلال فترة قصيرة من الزمن حطم المسلمون طغيان الامبراطوريتين الفارسية والرومانية، ووفروا للإنسانية المعرفة التي تشكل الأساس للحرية والكرامة والازدهار والغنى والتقدم العلمي والثقافي. لكن لكي نفهم كيف تحققت هذه التجربة يجب أن نعرف الأسس التي قامت عليها هذه الحضارة العظيمة، وما أهداف الذين بنوها وغاياتهم. كان التوحيد هو أهم الأسس الذي قامت عليها هذه الحضارة، لذلك كانت الوظيفة الحضارية للمسلمين هي تحرير الناس من الوثنية والشرك والخضوع للطغيان والعبودية لغير الله ليصبحوا عبادا لله سبحانه وتعالي وحده الذي خلقهم وأنعم عليهم بالكرامة المرتبطة بالمعرفة. لذلك حمل المسلمون القرآن وهو كلام الله ورسالته الخاتمة، ليعلموه للبشرية فاطلق عقولهم وطاقاتهم عندما تعلقت قلوبهم بالله وحده، فأصبحوا كراما يشعرون بالفخر بالانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس. ونحن نستطيع أن نكرر التجربة، ونبني الحضارة الإسلامية في المستقبل عندما نستعيد الوعي بالهوية والوظيفة الحضارية والكرامة والحرية، وندرك أننا عباد لله وحده، ونقرأ القرآن بفهم ووعي لنبني به الحضارة ونقيم مجتمعات معرفية يتمتع فيها كل إنسان بحقه في المعرفة. وهناك الكثير من المؤشرات على أن الواقع سوف يشهد قريبا أحداثا لا يتوقعها العلماء، وأن العالم سوف يتطلع للمسلمين ليقوموا بوظيفتهم في بناء حضارة جديدة. والذين سيقيمون هذه الحضارة هم المؤمنون الذين يربطون حريتهم بإيمانهم، وتقواهم بصلاحهم واصلاحهم للمجتمعات، وعبادتهم لله بكفاحهم لإعمار الأرض، لذلك اقرأ القرآن بوعي وفهم وحب وإيمان لتصبح مشاركا فعالا في بناء حضارة المستقبل، ولتؤهل نفسك لقيادة شعوب تتطلع للتحرر من الاستعمار والاستبداد. المسلمون الذين حرروا البشرية من العبودية، وبنوا الحضارة، واجهوا واقعا أقسى بكثير مما تشاهده الآن، وتمكنوا من تغييره في سنوات قليلة، وأنت كمسلم يؤمن بالله تستطيع أن تغير الواقع وتبني لحضارة المستقبل، فاقرأ معي القرآن، واطلق لخيالك العنان.