13 سبتمبر 2025
تسجيلقد يبدو المشهد العام راكدا في النظر إليه من الواجهة! لكن بالانتقال إلى الحديقة الخلفية سنكتشف أن الحرب التي تدور رحاها بين الرفاق والخصوم على حد سواء يمكن وصفها بالدموية والشرسة، وفي كثير من الأحيان تخرج عن السيطرة وتدخل حالة الجنون؟! الحديقة الخلفية حيث تتواجد شبكة التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفيس بوك وتوتير في الخليج بالتحديد تحولت إلى ساحة "أم المعارك" والكل متواجد بعدته وعتاده من شخوص السلطة، إلى رجال الدين، والمثقفين، والمندسين، والمنتفعين، والحاقدين، والكل يسعى أن يكون خطابه هو الذي يدعي الحقيقة يسيطر فيه على العقول والقلوب تلك الكتلة البشرية التي تخلصت بشكل كبير من الرقابة المباشرة من وسائل الإعلام الرسمية والمؤسسات التي تدور في فلكها أو التي تدعمها بشكل مباشر أو غير مباشر؟!دراسة غلوبال ويب إنديكس و "بير ريتش ، بينتا أن معدلات استخدام الإعلام الجديد وعلى رأسه شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها توتير في الخليج بشكل الأعلى من بين جميع دول العالم مقارنة بعدد السكان الذين يستخدمون الإنترنت. ووجدت دراسة أن ما يقارب نصف عدد مستخدمي الإنترنت في البلاد هم نشطاء على تويتر خاصة في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات. وهو ما يثير حفيظة السلطات التي لم تعد قادرة على ضبط هذا الكم الهائل من المطالب والتوجهات والانتقادات خصوصا السلبية والجارحة. المشهد العام في الخليج لا يزال مقيدا ومكبلا بالقوانين التي تحد من حرية الرأي والتعبير التي كفلتها القوانين الدولية، من جهة أخرى هناك غياب للقوانين الإنسانية والمواثيق الأخلاقية التي تضبط حالة الانفلات والتجاوزات والانتهاكات. إن السلطة والمؤسسات التابعة لها تتحكم بجميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة وحتى مؤسسات المجتمع المدني تابعة للدولة، لذلك يلجأ العديد إلى "العالم الافتراضي" للتعبير عن آرائهم. شبكة التواصل الاجتماعي تحولت إلى فضاء لا تستطيع الحكومات التحكم فيه، وحتى مع القمع وسجن المدونين وحجب المواقع والتهديد والوعيد والفتاوى الدينية المتشددة، فإن عدد المشتركين في تزايد مستمر، وهذا يقلق السلطات لأن الأمور خرجت عن رغباتها وسيطرتها وقبضتها الحديدة مقارنة بالوضع السابق. من جانب آخر هناك انحرافات ومنزلقات خطيرة في استخدام شبكة التواصل الاجتماعي، وتوظيفه للهجوم على دول وقيادات ورموز وترويج دعايات كاذبة وتحريضية تصل حد الدعوة للقتل والتكفير والتخوين تسهم فيها قيادات وحكومات خليجية وعربية؟! المشهد فيه نسبة كبيرة من الفوضوية واليوم المراهنة أن تكون مساحة التعقل أكثر اتساعا من مساحة الجنون!