16 سبتمبر 2025

تسجيل

تمويلُ الأنديةِ بين الإرادةِ وإدامةِ الـمشكلةِ

03 سبتمبر 2014

الـمشكلةُ في الحديثِ العقلانيِّ عن مواردِ الأنديةِ الرياضيةِ، أنَّ الإداراتِ لا تُبالي به؛ لأنها اعتادتْ أنْ تتعاملَ مع مشكلاتِها الـمُزمنةِ بعملياتٍ تجميليةٍ تَحُلُّ أجزاءً صغيرةً منها، فتكونُ غطاءً مُؤقَّتاً يُخفي الأجزاءَ الضخمةَ. فكأنها تنتظرُ حلولاً سحريةً، أو تَدَخُّلاً من الدولةِ، مُـمَثَّلةً باللجنةِ الأولـمبيةِ والاتحاداتِ الرياضيةِ، لتدعمَها مالياً.صحيحٌ أنَّ للأنديةِ موازناتٍ مُقَـرَّرَةً في الـموازنةِ العامةِ للدولةِ، إلا أنها لا تكفي لـمواجهةِ الـمستحقاتِ الـمتراكمةِ عليها، والاستحقاقاتِ التي تتيحُ لها تمويلَ نشاطاتِها، وضَـمِّ لاعبينَ محترفينَ لفِـرَقِها ورواتب العاملينَ فيها. فالأمرُ، إذن، ليس أنَّ موازناتِها لا تكفي، وإنما هو الـمُشكلاتُ الـماليةُ الـمُزمنةُ التي تتوارثُها الإداراتُ، وتُضيفُ كلُّ إدارةٍ شيئاً إليها قبل توريثِها للإدارةِ اللاحقةِ. فما الحلُّ للخلاصِ من ارتباطِ نشاطاتِ وتَقَـدُّمِ الأنديةِ في الُّلعباتِ الـمختلفةِ بمصدرِ الدَّعمِ الرئيسِ الـمُقَـرَّرِ لها من الدولةِ؟.البعضُ، ممن يستأنسونَ بالشكوى وتوصيفِ الحالةِ دون البحثِ عن حلولٍ جديرةٍ بالبحثِ، سيقومون بالـمقارنةِ بين الأنديةِ من جهةِ دَعْـمٍ يتلقاه بعضُها من شخصياتٍ اجتماعيةٍ وتجَّارٍ ورجالِ أعمال، ولا يتلقاه البعضُ الآخرُ. حَسَنٌ، نحن نُقِـرُّ بأنَّ هذا جزءٌ من الـمشكلةِ، ولكننا لا نستطيعُ الطلبَ من هذا وذاك أن ترتبطَ أسماؤهم بغيرِ النجاحِ الذي تُمَثلُهُ الأنديةُ التي يدعمونها، وفي الـموسمِ الـماضي شهدنا انسحابَ بعض رجالِ الأعمالِ من أنديةٍ كبيرةٍ جماهيرياً لأسباب كثيرةٍ، لا يسعنا ذِكْـرُها.الحلُّ، كما ذكرتُ في مقالٍ سابقٍ، هو لجوء الأنديةِ للاستثمار في العقاراتِ والأسهمِ، بدايةً، ثم الانطلاقُ نحو الإسهام في الصناعةِ الرياضيةِ التي تُدرَسُ الأسسُ لإقامتِها في بلادِنا. فامتلاكُ العقاراتِ وتأجيرُها لشركاتِ التطويرِ العقاريِّ سيؤمِّنُ مردوداً ثابتاً متنامياً، دون أنْ تُضْـطَـرَّ الأنديةُ لتوظيفِ كوادرَ لإدارةِ عملياتها العقاريةِ. والأسهمُ، وبخاصةٍ في الشركاتِ الكبرى الـمملوكةِ في معظمها للدولةِ، يجعلُ الأنديةَ قادرةً علًى الوفاء بالتزاماتِها الطارئةِ، ويتيحُ لها الفرصةَ لإعادةِ ترتيبِ أوضاعِها دون ضغوطٍ تُعَطِّلُ نشاطاتِها.ولنتحدثْ عن تمويلِ ذلك إنْ توافرَتِ الإرادةُ للقيام به، فأقولُ: إنَّ أيَّةَ مشروعاتٍ أُعِـدَّتْ لها دراساتُ جدوى من قِبَلِ خبراءَ مُختصينَ، ويتمُّ تقديمها لـمجلسِ الوزراء من خلال اللجنةِ الأولمبيةِ، سيكونُ نصيبُها الاهتمامَ الكبيرَ الذي سيبدأ بتيسيرِ الإجراءاتِ للحصولِ على قروضٍ بضمانةِ الـمشروعاتِ أنفسِها.كلمةٌ أخيرةٌالإرادةُ الصلبةُ والقدرةُ على الفِعلِ هما الأساسُ لكلِّ عملٍ بنَّاء، أما انتظارُ حلولٍ لا تَحُلُّ إلا بعضَ أجزاءِ الـمشكلةِ، فإنه ليس إلا تخليقاً لـمشكلاتٍ أخرى تُولِّـدُ سواها، ونظلُّ ندورُ في حلقةٍ مُفرَغةٍ.