10 سبتمبر 2025

تسجيل

فارقنا أعز الناس وترك فينا الأثر الطيب

03 أغسطس 2022

قال الله تعالى في سورة الإنسان (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) الكثير منا لا يفكر في هذه الآية من ناحية عمره القصير في هذه الدنيا الفانية ولا يفكر أن يترك أثرا في الغير وفي الحياة من بعده بل جُل تفكيرنا في حياتنا القصيرة وماذا نترك لأولادنا وأهل بيتنا ولكن العاقل منا من يفكر ان يترك شيئاً ولا يريد أن يكون شيئا غير مذكور، الأثر المستمر بعد وفاتك، والسيرة الحسنة، التي يذكرك الناس بها بعد رحيلك، هي نعمة من نعم الله عز وجل، وكم من إنسان لما رحل عن دنيانا، لهجت الألسن بالدعاء له، وبكت العيون على فراقه، وتسابق الناس في تعداد مآثره، وعلى النقيض تماما، كم من إنسان مات ومات ذكره معه، الأخلاق الحسنة قيمة من القيم الإنسانية التي حض عليها الإسلام ودعا إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: أكثر ما يدخل الناس الجنة؛ حسن الخلق وقال: وخالق الناس بخلق حسن، وقال: أقربكم مني منزلة يوم القيامة؛ أحاسنكم أخلاقا، وقال: إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم المجاهد في سبيل الله، تخيلوا بالله هذا القدر وهذا الجزاء العظيم للإنسان عندما تكون أخلاقه حسنة. عبدالله محمود سيظل رائدا مدى الحياة هذه المقدمة عن الأثر الطيب يتطرق اليها الانسان دائما عندما ننعي أحد الأعزاء الذين فارقونا في هذه الدنيا والرائد عبدالله محمود المحمود سيكون من الذين تركوا فينا اثرا على عدة مستويات حيث حرص الفقيد على ذلك وهو لا يدرك بأنه ترك فينا حزناً عميقا ولكن لن تنساه الكشافة القطرية ما دامت الى ابد الدهر حيث كان رائداً وقائداً نشطاً يجول في المدارس والمعسكرات المحلية والإقليمية والدولية، وفي مجال الرياضة لم يبخل في أن يكون جنديا من جنودها من خلال عمله الإداري في أكبر الأندية القطرية وهو النادي العربي العريق وكان أمينا على ماله فترة طويلة من الزمن، ولا يعتلي مثل هذا المنصب الا من كانت سيرته حسنة بين الناس وبين اقرانه لأن الأمانة على المال هي من أعلى الأمانات قمماً، ولأنه كان صادقا مع نفسه ومع غيره لم يجدوا افضل منه ليسلموه هذه الأمانة الثقيلة، لذلك حري بنا ان نطلق على الفقيد الغالي رائداً لأنه قاد كشافتنا من خلال المدارس التي كان يجولها ويضحي من وقته الغالي في هذا العمل الطوعي وتعلم منه الكثير من أبنائنا وبناتنا ما تحمله قيم الكشفي في الصبر والمصابرة وتكبد المشاق وغرس القيم الأخلاقية والانضباط في الحياة. عبدالله محمود سيظل مثالاً أخلاقياً والأخلاق الفاضلة يحكم عليها الآخرون من خلال التعامل معهم وقد أقر الإسلام هذه الشهادة، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أوجب الجنة بدون حساب لأحد الموتى بشهادة الناس وثنائهم عليه، وكذلك أوجب النار لآخر عرف بينهم بفساد خلقه وسوء معاملته لهم وقال: (أنتم شهداء على الناس) وماتت امرأة وكانت تصلي وتصوم وتقوم غير أنها كانت تؤذي جيرانها، قال: هي في النار، لم تشفع لها صلاتها ولا صومها طالما كانت تعامل جيرانها بالسوء، وعندما نذكر هذه الصفات نذكر فقيدنا عبدالله المحمود لأنه كسب قلوب الناس بحسن التعامل معهم (تبسمك في وجه أخيك صدقة) و(إماطة الأذى عن الطريق حسنة) و(خير الناس أنفعهم للناس) وكسب قلوب الناس وحبهم دليل على حب الله لك وفي الحديث القدسي يقول الله لملائكته: (إني أحببت فلانا فأحبوه)، فإذا أحبك الناس فهذا دليل أن الله وملائكته يحبونك. وأكاد أجزم انه ما من خلق حسن أو فضيلة أمر بها الإسلام إلا وللفقيد نصيب منها، ولا إيذاء للناس إلا كان زكيا بعيدا عنه، ويشهد بذلك كل من عرفه وعاشره وأنا منهم. عبدالله حببه الله الى الخير وحبب الخير إليه ولا تكاد تجد منشطا اجتماعيا إلا ويكون مشاركا فيه بجهده وماله ووقته، لا يعتذر عنه أبدا اللهم إلا عندما يشتد عليه المرض. عبدالله لم يكن انسانا عاديا بل كان ربانياً بأخلاقه وأدبه الجم وتواضعه وتهذيبه وحيائه وحلاوة لسانه، كان يحب الصغير والفقير والضعيف والمسكين، واسألوا عنه اركان النادي العربي وجدرانه وملعبه، اسألوا عنه كل مدرسة زارها وهو ينشر رسالته الكشفية بين طلابها واسألوا مديري المدارس التي قامت بتكريمه ومنحه أوسمة الوفاء، كان الفقيد كالنسمة وكالزهرة وكحامل المسك لا تجد منه إلا الكلمة الطيبة والريح الطيبة. لا نملك إلا الدعاء لفقيدنا أعز الناس ونحن مهما تحدثنا عن فقيدنا عبدالله المحمود فلن نوفيه حقه، وقيل ان الله تكرم على الميت بكرم هذا (الأعرابي) وحق لنا أن ندعو بقدر ما ترك فينا من أثر طيب في نفوس كل من عرفه وتعامل معه، ومما تركه لنا من عمل عظيم يشهد له في مسيرة كشافتنا القطرية وكلنا يقين ان الله سيتكرم على فقيدنا ويكرمه بكرمه وبأخلاقه الحسنة وسيرته التي سار بها بين الناس وبشهادتنا هذه وحبنا له، ألا رحم الله حبيبنا فقيد الوسط الرياضي والوسط الكشفي وإنا لفراقه لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي الله ولكن عزاءنا انك بين يدي العزيز الغفور الكريم الرحيم الذي لا يضيع عنده حق ولا ترد عنده شهادتنا هذه وهذا مجمع ظننا في ربنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. كسرة أخيرة الخسارة أن يغادر العبد دنياه دون أي أثر طيب يشكر عليه، ولا معروف جميل يقتدى به ويثني عليه به بعد موته، والأهم من ذلك الا يترك الا شراً محضاً وسمعة سيئة يذم عليها حتى يقوم العباد لربهم فيكون حاله، (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) الْمُؤْمِنُونَ: 99-100، وفقيدنا رحل عن دنيانا وهو قد كسب كل هذا الحب والذكرى العطرة والأثر الطيب في قلوب الكل. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية