13 سبتمبر 2025

تسجيل

صاحبُ الدَّيْن

03 أغسطس 2021

تُوُفِّي رجلٌ فغسَّلْناه وحنَّطناه وكفنَّاه ثم أتينا به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُصلِّي عليه، فقلنا تُصلِّي عليه؟ فخطا خُطًى ثم قال: أعليه دَينٌ قلنا: دينارانِ فانصرف، فتحمَّلها أبو قَتادةَ، فأتيناه فقال أبو قَتادةَ: الدينارانِ عليَّ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أُحِقَّ الغريمُ وبرئَ منهما الميِّتُ. قال نعم فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيومٍ ما فعل الدينارانِ فقال إنما مات أمسِ فقال فعاد إليه من الغدِ فقال قد قضيتُهما فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الآن برَدَتْ جلدتُه رواه جابر بن عبدالله. إن من الأمور التي تدعو إلى الغرابة تهاون بعض المستدينين في إعادة الحقوق إلى أصحابها، بل الأدهى من ذلك استخدام البعض للحيل حتى لا يقوم بإعادة الدَّيْن إلى صاحبه! وقد اشتهر بعض الأشخاص بأنهم أصحاب مُماطله في إعادة الدين وأنهم ممن يلوذون فراراً عند رؤية صاحب الحق، فإن هؤلاء بسوء تصرفهم يصبحون كمن كُتب على جبينه سارقُ أموال الناس بالباطل، فهذه سمعته التي أنشأها من أفعاله! فإن الشرع يُطالبنا بتوثيق الدَّيْن حتى لايضيع الحق، ولكن للأسف أن الكثير منا يخجل من توثيق الدين على صاحبه وعلى قريبه ويُقدم الظن الحسن في إعطاء المال للطالب، وللأسف في كثير من الحالات لا يعود ذلك الدّيْن. وإن في القصة المذكورة في بداية المقال شأنٌ عظيم في عدم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على المتوفى صاحب الدَّيْن وصلاته عليه، إلا بعد أن تم سداد دين المُتوفى، وهو بمثابة تحذيرٌ شديد لمن يأخذ المال من الناس بالباطل. كما أن الله عز وجل غافر الذنب يغفر الذنوب جميعاً برحمته تعالى إلا أن يُشرك به سبحانه، ولكن هُناك من الذنب الذي لا يغفره الله تعالى بل جعل سقوط ذلك الذنب عائداً إلى صاحب الحق "الدين" في إعفاء صاحب الدين للمُستدين أو عدم إعفائه. فكم من شخصٍ أمِنَ على ماله وقضى حاجة أخيه وساند طالب الدَّيْن في محنته لتبدأ بعد ذلك مرحلة التعقُب والمطالبة من صاحب الحق من المُستدين الذي يتوراى عن نظر صاحب الحق، بل كم هناك من مُستدين أنكر الدَّيْن وفرح بما غَنِم، فتعساً لما غَنِم. وما زالت القصص تتكرر وبأشكالٍ عدة ومنها الكفالة البنكية، وتقاعس المستدين عن السداد ليتحمل الكفيل الدَّيْن، هناك من مُنع من السفر بحكم قضائي لعدم سداد الدَّيْن من جهة المُستدين وتم تحميل الكفيل العبء، وكم من مسجون سُجن بسبب حسن ظنه في المُستدين الذي خاب الظن فيه، وإن في ذلك لمن الظلم والعدوان على حقوق الغير. إن المسلم في طبعه محبٌ للخير، وإن فك ضيقة أخيك المسلم فيه خيرٌ لك وأجرٌ عظيم، ولكن يجب اتباع شرع الله في ذلك، وعدم الخجل في توثيق الحق لا لعدم ثقة في المُستدين، ولكن بحسن الظن نضعها في خانة حفظ حقوق الشخص وحقوق ورثته. أخيراً تُعس سارق الدَّيْن، ظن أن عدم إعادة الدَّيْن ربحٌ ومكسب وهو في حقيقته هلاكٌ وحسرة. bosuodaa@