04 نوفمبر 2025

تسجيل

دول الخليج وتقرير التنمية البشرية 2014

03 أغسطس 2014

أمر جميل نجاح جميع دول مجلس التعاون الخليجي بلا استثناء في تعزيز ترتيبها على مؤشر التنمية البشرية لعام 2014. يتمتع التقرير السنوي بسمعة عالية وعالمية نظرا لجهة الإصدار وتحديدا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي هو جزء من منظومة الأمم المتحدة. يعد موضوع التقرير، أي التنمية البشرية، أمرا حيويا لأنه يمثل بمثابة هدف سامي بالنسبة لأي دولة أو أمة. من جملة الأمور، تمكنت كل من السعودية والبحرين والكويت من تحقيق نقلة نوعية في التقرير الجديد وصولا لخانة تنمية بشرية مرتفعة جدا أي أفضل فئة ممكنة. بالعودة للوراء، صنف تقرير عام 2013 كلا من قطر والإمارات العربية المتحدة فقط من بين سائر دول مجلس التعاون ضمن أفضل خانة مجموعة. وعلى هذا الأساس، تبقى عمان الوحيدة في المنظومة الخليجية خارج إطار هذه الخانة والتي ضمت 49 بلدا في التقرير الأخير.يتميز تقرير التنمية البشرية، يحمل تقرير 2014 عنوان المضي في التقدم: بناء المنعة لدرء المخاطر، باعتماده على ثلاثة معايير وهي العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين إضافة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني بأنه لا يكفي بأن يكون أي بلد متقدما على معيار واحد مثل الدخل دون المعايير الأخرى لتحقيق نتائج متقدمة على مؤشر التنمية البشرية. بتأمل النتائج، عززت قطر من تفوقها الإقليمي من خلال التقدم 5 مراتب وبالتالي انتزاع المرتبة 31 على مستوى العالم. فحسب تقرير 2014 والذي يعتمد على إحصاءات 2013، يبلغ مستوى دخل الفرد في قطر نحو 119 ألف دولار استنادا لمبدأ القوة الشرائية أي الأعلى دوليا. بالمقارنة، تم رصد رقم يقل عن 88 ألف دولار في التقرير السابق الأمر الذي سمح لقطر باكتساب نقاط إضافية رافعة رصيدها إلى 0.851 نقطة مقارنة مع 0.834 نقطة في تقرير 2013 من أصل 1.000 نقطة ممكنة. أفضل أداء هو للنرويج من خلال جمعها 0.944 نقطة على المؤشر وتليها أستراليا.ومع ذلك، فإن أكبر مفاجأة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بل العالم العربي، تتعلق بالمملكة العربية السعودية، حيث خطت 23 مرتبة وعليه أمنت الترتيب العالمي رقم 34 متقدمة بذلك على الإمارات. كما هو الحال مع قطر، لعب متغير دخل الفرد دورا فيما تحقق حيث ارتفع من نحو 23 ألف دولار إلى 52 ألف دولار ما بين التقريرين. يرتبط ما حدث بشكل رئيسي مع استدامة أسعار النفط والإنتاج النفطي. صحيح لدى فنزويلا مخزون نفطي أكثر من السعودية، لكن تتبرع المملكة على عرش إنتاج وتصدير النفط الخام. أيضا، أسهمت ظاهرة غياب معدلات النمو السكاني الحادة على خلفية إبعاد أعداد كبيرة من أفراد العمالة الوافدة المنتهية صلاحية تصاريح العمل التي في حوزتهم في تعزيز مستوى دخل الفرد. كما شهدت السعودية تحسنا بالنسبة لمتغير العمر عبر ارتفاع المتوسط من 74،1 سنة إلى 75،5 سنة على خلفية تعزيز انتشار خدمات الرعاية الصحية الحديثة في جميع أنحاء المملكة المترامية الأطراف. وفيما يخص أداء باقي دول مجلس التعاون، فقد طرأ تحسن بمقدار مرتبة واحدة على ترتيب الإمارات مفترضة المرتبة 40 على مستوى العالم. وقد نجحت السعودية والتي حققت تقدما غير عادي في أخذ مكان الإمارات كصاحبة ثاني أحسن ترتيب بين الدول العربية قاطبة على مؤشر التنمية البشرية بعد قطر. بدورها، قلبت البحرين تخلفها بواقع 6 مراتب في تقرير 2013 للتقدم 4 مراتب في التقرير الأخير وعليه حلت في المرتبة رقم 44 دوليا. يعود التقدم إلى تحسن نتائج متغيري دخل الفرد ومتوسط العمر أي ثلثي معايير المؤشر. كما تمكنت عمان المضي قدما من خلال تعزيز ترتيبها 28 موقعا وصولا للمرتبة 56 من بين 187 بلدا مشمولا في تقرير 2014. تعتبر السلطنة في أعلى فئة التنمية البشرية المرتفعة وهي مرتبة جديرة في كل حال من الأحوال.الجدير بالذكر، يعد ترتيب بعض دول مجلس التعاون أفضل من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ما يؤكد بأن في عصر العولمة المنافسة والمقارنات بين البلدان تأخذ طابعا عالميا.بالنظرة للأمام، لدى المنظومة الخليجية فرصة لتحسين ترتيبها على مؤشر التنمية البشرية في السنوات القادمة لكن بشرط التطوير المتواصل لتحسين الخدمات التعليمية والرعاية الصحية. إضافة إلى ذلك، من شأن بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا توفير نوع من ضمانة لاستمرار تدفق العائدات وبالتالي مخصصات الاستثمار والبنية التحتية، وعليه التنمية الاقتصادية ومن ثم ارتفاع نصيب الفرد من الدخل. وتمتلك الدول الست قدرة على تعزيز ترتيبها بالنظر لإمكاناتها المتنوعة البشرية منها والمادية. وخير مثال على ذلك تشكيل القيم المالية لصناديق الثروة السيادية للدول الست بصورة مجتمعة أكثر من 2.4 تريليون دولار مع منتصف 2014 أي أكثر من ثلث الثروات السيادية على مستوى العالم.مما لا شك فيه، يقتضي الصواب استثمار جانب من الفوائض المالية على تطوير البنية التحتية مثل إنشاء القطارات داخل وبين مدن دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا في المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف.ولا تقاس ثروات البلاد بعدد ناطحات السحاب المنتشرة وسط المدن وربما تزيد في بعض المدن بالتجارة والمساحة. لكن بمقدور بعض الأمور من قبيل تطوير وسائل النقل العام مثل مترو دبي تحسين نوعية الحياة. ويصدق الشيء نفسه فيما يخص انتشار العيادات التي تقدم خدمات الرعاية الصحية المتخصصة والمؤسسات التعليمية الحديثة. أمر حسن توجه العديد من دول مجلس التعاون الخليجي مثل قطر والإمارات باستثمار أموال على تطوير البنية التحتية خصوصا في قطاع المواصلات وبالتالي تطوير نمط المعيشة والحياة.