14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا تكاد كلمة دارسي الحضارات تختلف في أن التحديات الكبرى التي تواجه الأمم، تجعلها أمام مصيرين لا ثالث لهما إما الرفعة وإما الضياع، فالتحديات كما يقولون سلاح ذو حدين، وأمتنا الإسلامية مواجهة اليوم بجملة من هذه التحديات التي تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم، ولا أكون مبالغا إن قلت إن أمتنا من أوفر أمم الأرض نصيبا من (المعاناة) التي تجرها علينا تحديات الاستبداد السياسي ، والعدوان الخارجي، والتخلف التقني، والانقسامات الداخلية ولك أن تضيف إلى هذه القائمة ما شئت من تحديات متعاقبة تذكرك بقول أبي الطيب وقد تصالحت عليه العلل:أبنت الدهر عندي كل بنت*** فكيف وصلت أنت من الزحام! ولكن برغم قسوة هذه التحديات وإرهاقها لنا إلا أنها ستمثل بإذن الله مبدأ نهضة هذه الأمة، ولولا التحديات وما تثيره في النفس من روح المغالبة واستثارة المشاعر ما نهضة أمة قط ولا أصبح لها في العالم ذكر، ونحن بفضل الله أمة لها تاريخ مجيد وخبرة طويلة في تغيير مجرى الأحداث وتحويلها من هزيمة إلى نصر، ومن شتات إلى تضامن، ومن هوان إلى ثورة، ولذلك حق لعدونا أن لا تقر له عين أبدا وهو يعلم عبر التاريخ ودروسه التي منها: أنه كلما ظن أنه قد أجهز علينا بتفوقه العسكري ، وأهال على إرادتنا التراب، فاجأناه بانبعاث الحياة في الجسد المثخن بالجراح، وبظهور رآيات المقاومة مدوية بالتكبير مبشرة بانتشار الصباح.والتاريخ يعيد نفسه، وتجارب الواقع الجهادي في فلسطين والعراق وأفغانستان تؤكد هذا الحقيقة تأكيدا، ومن ذا الذي كان يتصور بعد كل الحزن الذي غصت به قلوبنا تعطفا مع غزة، أن يأتي الرد سريعا وفي أكثر مناطق فلسطين المحتلة تحصنا فيشفي الله بهذه العملية الاستشهادية صدور قوم مؤمنين، ويخرس ألسنة أقوام طالما شككوا في جدوى المقاومة، وقالوا للناس إن الحديث عن هزيمة إسرائيل وخسارات أمريكا أمنيات مغلوب لا حقائق واقع، وكأنهم فطروا على القهر وقوة الخصم التي لا تغلب!.إن التحديات الماثلة أمامنا اليوم بكل ما فيها من شدة ستكون الشرارة التي توقد جذوة التغيير القادم فقد وعينا من قديم أن للتحديات بركات وفضائل على الناس، ولو لم يكن لها إلا افتضاح ما تنطوي عليه النفوس من خبايا لكان ذلك كافيا في اعتبار التحديات عطايا يسوقها الله للناس ليميزوا بها بين فريقين من عباده، ومن طالع تعقيب القرآن على غزوات الإسلام أدرك هذه الحكمة البالغة قال تعالى معقبا على غزوة بدر الكبرى ( لميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم ) وقال تعالى عن غزوة أحد(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) وقال تعالى معقبا على غزوة الأحزاب (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)..وحديث القرآن هذا يعلمنا أن أخطر ما يواجه الأمة من التحديات لا يتمثل في العدو الظاهر وإنما في المجموعات المسخرة والتكتلات المندسة والجماعات التي تتحدث باسمنا وتتاجر بقضايانا وهي ما بين عميل وخائن وسمسار، ولكن الأحداث التي يجريها الله في هذا الكون من سنن فاضحة ومصالح متعارضة لن تدع لهذه المجموعات مهما حاولت المخادعة والمتاجرة من حيلة تلوذ بها بعد افتضاح أمرها. والمتفرس في المشهد الإسلامي اليوم يدرك كم من الأقنعة قد سقط ؟ وكم من عروش كنا نراهن على جدواها قد اندكت في قلوبنا ، وأزمعنا منها يأسا ، ولولا هذه التحديات المتلاحقة ما استبان لأصحاب البصائر المنطمسة ما ظلت تردده جماعات الإصلاح الإسلامي من بيّنات وحقائق، ونذر ومبشرات.