13 سبتمبر 2025
تسجيلللمحاسبة أركان ثلاثة ذكرها الإمام الهروي في منازله وهي: أولا: القياس بين نعمة الله على العبد وجنايته.ثانيا: التمييز بين ما للعبد وما عليهثالثا: الرضا بالطاعة والتعيير بالمعصيةأولا: القياس بين نعمة الله على العبد وجنايته.حتى يعلم العبد أهمية هذا القياس يحتاج إلى أمور منها: 1- عطاء الله وفعل العبد: القياس بين ما من الله وما يفعله العبد يظهر لك التفاوت، وتعلم أنه ليس إلا عفوه ورحمته، أو الهلاك والعطب. وبهذه المقايسة تعلم أن الرب رب والعبد عبد، ويتبين لك حقيقة النفس وصفاتها، وعظمة جلال الربوبية، وتفرد الرب بالكمال والإفضال، وأن حصول ذلك لها من بارئها وفاطرها، وتوقفه عليه كتوقف وجودها على إيجاده، فكما أنها ليس لها من ذاتها وجود، فكذلك ليس لها من ذاتها كمال الوجود، فليس لها من ذاتها إلا العدم - عدم الذات، وعدم الكمال - فهناك تقول حقا " «أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي».2- القياس بين الحسنات والسيئات، فتعلم بهذه المقايسة أيهما أكثر وأرجح قدرا وصفة. وهذه المقايسة الثانية مقايسة بين أفعالك وما منك خاصة. ولا ينهض بها إلا من اتصف بثلاثة أمور: نور الحكمة، وسوء الظن بالنفس، وتمييز النعمة من الفتنة. ونور الحكمة هاهنا: هو العلم الذي يميز به العبد بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والضار والنافع، ويبصر به مراتب الأعمال، راجحها ومرجوحها، ومقبولها ومردودها. وأما سوء الظن بالنفس فإنما احتاج إليه؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش ويلبس عليه، فيرى المساوئ محاسن، والعيوب كمالا، فإن المحب يرى مساوئ محبوبه وعيوبه كذلك. فعين الرضى عن كل عيب كليلة.. كما أن عين السخط تبدي المساويا، ولا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها، ومن أحسن ظنه بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه. وأما تمييز النعمة من الفتنة: فليفرق بين النعمة التي يرى بها الإحسان واللطف، ويعان بها على تحصيل سعادته الأبدية، وبين النعمة التي يرى بها الاستدراج، فكم من مستدرج بالنعم وهو لا يشعر، مفتون بثناء الجهال عليه، مغرور بقضاء الله حوائجه وستره عليه! وأكثر الخلق عندهم أن هذه الثلاثة علامة السعادة والنجاح، ذلك مبلغهم من العلم.