29 أكتوبر 2025

تسجيل

إلى متى ستستمر معاناة المعلم؟

03 يوليو 2012

كل أسبوع عبارة عن مجموعة تراكمية من الأحداث، تبدأ لتنتهي بوقت محدد من الزمن، وحتى يكون لها ذلك، نكون قد مررنا على بعضها مما سيرسخ بالذاكرة، أو مما سيمر علينا، ولكن بشكل خاطف لا ملامح له، وبالتالي سيفقد القدرة على التباهي بفوزه بمكانته من الذاكرة، التي لا تهتم ولا تلتفت إلا لكل ما يجبرها على ذلك، وبطبيعة الحال كل شخص منا يقرر ما يستحق بأن يعلق بذاكرته؛ ليلازمها ويرافقها كل الوقت، وهو ما يتغير تماماً، ويتجرأ على طبيعته حين تستعرض أيام الأسبوع من الأحداث ما يشغل الجميع بضربة واحدة فقط، ستجعل منه (الحدث الأهم)؛ لينشغل به من سينشغل فيكرس له من وقته الكثير؛ لمناقشة أدق التفاصيل، بينما يكتفي الآخر بالتطرق إليه ضمن أي حديث يخوضه مع غيره. إن حديث اليوم يشمل الحدث الأهم الذي يشغل الكثير ممن حولي، ليس لتواجدي بينهم فقط، بل لأنهم ينتمون لمجموعة تعتنق الإصلاح والتغيير، وتسعى إلى التطوير، الذي سيُغير المجتمع للأفضل، ولكن على المدى البعيد، ومن نخصه بالحديث هنا هو كل من يُعرف باسم (معلم)، عمل وجد وكرس من حياته (حياته)؛ كي يقدم للمجتمع من قبله الطالب ما سيأتي بنفعه مستقبلاً، فهو المستقبل ما يسعى كل واحد منا إلى التمهيد له بما سيجعله مشرقاً أكثر، ولكنه ومع ما يمر به هذا المخلوق في الآونة الأخيرة قد صار ضبابياً أكثر، يعتريه الكثير من الغموض، خاصة أنه لم يجد ما يغطي أو يلبي شيئاً من رغباته، التي لا تتوقف عند (الزيادات المالية) فحسب، ولكن تلك الزيادات التي تغطي حاجاته النفسية، كالزيادة في نسبة تقديره كمعلم، وتثمين رحلة عطائه بما يرضيه، وهو أقل ما يمكن أن يحصل عليه من بعد رحلة العطاء المحفوفة بشيء من العناء كذاك الذي مر به طوال العام الدراسي، وسلبه راحة باله، حتى وصل إلى هذه الأيام الأخيرة التي يستحق أن يقضيها مرتاحاً أكثر، ووسط بيئة نقية تخلو من كل ما يمكنه أن يعكر عليه صفو جوها، ولكن ما يعانيه المعلم في هذه الفترة من العام هو تعرضه لكثير من الأذى تفرزه تلك الجماعات التي تقذف به وسط مجموعة إما أن يكون منها، أو أن تتفق عليه؛ لتباشر صفعه بتهم فارغة، تبدأ على أنها مجرد فضفضة، ولكنها تمتد وتتمادى حتى تصل به وفي نهاية المطاف لدرجة مؤذية تُتعبه وتؤثر على وضعه النفسي كثيراً، حتى ليحمل معه هذا الأذى كهدية نهاية العام الدراسي، ويستقبل بها عطلته الصيفية وسط أسرته التي غاب عنها بروحه طوال العام؛ ليتفرغ لها أخيراً ويقبل بأن يتقاسم معها تلك الهدية، أو يبتلعها وحده؛ ليتأثر بها ويتألم بسببها وحده، ويبقى السؤال: إلى متى ستستمر معاناة المعلم؟ وإلى متى سيصمد هذا الأخير أصلاً؟ مما لا شك فيه أننا نتطور في الكثير من المجالات، ولكن وحتى هذه اللحظة تشكو بعضها من غياب ضرورة التفكير بأهمية تقدير المعلم، الذي لا يبحث عن زيادة مالية كما ذكرت سلفاً، ولكن عن زيادة تغطي حاجته النفسية، وهي تلك التي تتناول تقديره وسط بيئته التي يتوجب عليها التلاحم معه؛ لتخرج لنا بأفضل المخرجات التي لا يجدر بنا التهاون بقيمتها أو التلاعب بها ظناً منا بأنها عديمة الفائدة، في حين أنها ستُظهر فائدتها؛ لنكتشفها مستقبلاً. هذه الأيام هي الأخيرة التي تجمع المعلم بكل من ينتمي إلى نفس الوسط، وهي الفترة التي تستحق أن تُكلل بلحظات تقديرية، يقدر فيها كل واحد منهم الآخر بدلاً من معاقبة كل واحد منهم للآخر بما سيعكر على الجميع روعة هذه الأيام، ولن يوفر لهم إلا العداوات التي ستمتد حتى بداية العام الدراسي القادم، الذي نسأل الله أن يُقبل حاملاً معه الكثير من الأمل، الذي سيجعل الحياة أفضل بكثير إن شاء الله.