31 أكتوبر 2025

تسجيل

الجانب الآخر من الحياة

03 يونيو 2014

المواجهة هي أن نستجمع قوانا وبكل حزم؛ كي نخرج ونقابل ما يعطل مصالحنا ويقف بيننا وبين ما يجدر بنا فعله في سبيل متابعة حياتنا وبشكل طبيعي، وذلك بتشجيع النفس على تنفس الصعداء في سبيل تفريغها من الشحنات السلبية؛ كي تتمكن من مبارزة المخاوف التي تحوم من حولنا وتسلبنا حق إدراك ما لنا وما علينا وتمنعنا وبشكل تلقائي من أخذ ما يلزمنا وترك ما لا يفعل، وهي تلك التي تكون في اللحظة التي نقرر فيها بأن نكون أكثر إصرارا على هزيمة المخاوف التي لا يدركها سوانا (سوانا)، ولا يدرك كيفية مواجهتها لهزيمتها سوانا أيضا؛ لذا لا يحتاج الأمر إلى أي شيء كي تتحقق هذه المواجهة وبشكل سليم سواه تحديد لحظة الانطلاق؛ كي يكون الانطلاق، وتكون المواجهة، ونكون بذلك قد قطعنا نصف المشوار، الذي يعتمد علينا في المقام الأول ثم على عناصر أخرى لن تُسهل المهمة، ولكنها ستضفي عليها الكثير من ملامح (التحدي)، الذي نحتاج إليه في حياتنا؛ كي ندرك قيمة ما نخرج في أثره؛ لنحافظ عليه متى وصلنا إليه وحصلنا عليه بجدارة لا مثيل لها، ويبقى السؤال الذي سيحلق بنا عاليا؛ بحثاً عن إجابة مُرضية: متى ستكون لحظة الانطلاق تلك؟ لاشك بأن المواجهة رغبة حقيقية ومُلحة تسكن الأعماق، ولكن خروجها إلى سطح العمل الجاد يعاني من التوتر الحاد، الذي تعبث به مزاجية (التردد) الذي يكون؛ بسبب انعدام الثقة أو عدم تمكنها من الثبات، وبحكم أهميتها في عملية التأثير علينا وقدرتها على دفعنا إلى الأمام أكثر، فنحن بحاجة ماسة إليها؛ كي تمسك بنا فنمسك بيد تلك الحاجة المُلحة ونخرج بنا جميعا إلى السطح فنبدأ المواجهة الحقيقية التي ستهون كلما تضاعف حجمها تلك الثقة، التي تعظم كلما عظم الإيمان بالله وكبر، وتصبح أقوى كلما تقلصت مسافات البعد عنه؛ لنصبح إليه وهو العظيم جل شأنه أقرب، فيجيبنا كما وعدنا، فهل وبعد هذا كله سيكون بيننا من يمكن بأن يتأخر عن مواجهة الحياة بما فيها؟ لاشك أن هناك من يملك القوة والقدرة ويدرك تلك الرغبة المُلحة ويرغب بأن يستجيب لها، ولكنه يشعر بما يؤرقه أحيانا ويجعله بعيداً عن تحقيق هدف المواجهة، والحق أنه لا بأس في ذلك ومن حقه أن يكون، ولكن دون أن يسمح له بأن يطول أو يتطاول عليه، إذ يجب عليه وفي المقابل أن يسعى إلى تعجيل المهمة، وتخطي أي شيء يمكن أن يقف بينه وبين المواجهة التي ستقدم له الكثير، فهي تلك القادرة على توضيح الصورة العامة، وكشف مواطن النقص في أعماقنا، والحديث عن تلك التي تجعلنا أكثر تقصيراً، دون أن ندرك السبب الذي يجعلنا كذلك، والدليل أننا لا نتمكن من مواجهة ما يتعبنا ويثير أعصابنا ويجبرنا على إفراز المزيد من التوتر، إلآ أن أدركنا تلك الأسباب المُرعبة، التي إن أدركناها لتمكنا من مواجهة ما نكره وننفر منه إلى ما نريده ونحبه ويحمل لنا من الخير الكثير، والآن بقي أن ندرك كيف نواجه من الأساس؟ إن مواجهة ما نخاف منه تكون حين ندرك حقيقة ما نخاف منه من الأصل، وفعل ذلك وبحسب ما ذكره الفاضل الأستاذ سعود النداف (مدرب التنمية الذاتية) يكون بمجالسة الذات (لا) لمحاسبتها ولكن؛ للتعرف عليها أكثر وإدراك ما يحدث معها، فتبدأ العملية بتناول ورقة وكتابة المخاوف التي نعاني منها على ظهرها، ثم توجيه السؤال للذات عن الأسباب التي تجعلنا نخاف؟ ثم تناول ورقة أخرى لفعل الأمر ذاته حتى نخرج بإجابات جديدة، وتتكرر العملية حتى نقلص دائرة الإجابات، فإن بلغنا تلك المرحلة التي لن نجد معها إجابات شافية، فإن ذلك يعني أننا قد بلغنا المصدر المُسبب لكل هذا الرعب، الذي يحول بيننا وبين المواجهة التي وإن تمت لتوصلنا إلى السلام الداخلي، حيث الأمان الذي نحتاجه بعيداً عن المعارك التي نخوضها دون أن نخرج بأي شيء سواها الخسائر التي تقلل من قيمتنا وقدرنا، والحق أن كل فرد منا لا يستحق إلا تعديل صورته الذاتية لذاته قبل أي أحد آخر، فتعديل تلك الصورة سيعزز من قيمته وسيرفع من قدره في داخله، الذي وإن تأثر والحديث (عن الداخل) فسيمتد الأثر الإيجابي إلى الخارج؛ لتنعم الحياة بأفراد أكثر إقبالاً عليها وأكثر قدرة على العطاء. وأخيرا، فلتبحث في أعماقك عن تلك الأسباب التي تثير مخاوفك، وواجهها دون أن تخشى أي شيء حتى تعالجها وتتمكن من إدراك الجانب الآخر المشرق من الحياة بإذن الله تعالى.