15 سبتمبر 2025
تسجيلهناك بين الروح والأضلع بين الذات والذات مساحة مفقودة.. مساحة متخثرة بكتل زرقاء الفقد.. تنتظر فرصة اللجوء إلى قارعة الأمل لأي وطن..لأي مذهب.. لأي ضلع.. تقف بخدر بين الصمت والنداء.. بين الرغبة والخوف.. صوتها حنين.. ووجعها أنين.. هي فراغ محجوز على مقاعد التجارب المفزعة.. هي اللا تكوين في رحم الرجاءات والاحتمالات.. الاحتياج شعور أشبه ما يكون بالتجويف الذي تنخره تجاويف الأيام.. شعور قاسٍ وملح يدفعك باستمرار للهاث خلف أي شيء يكمل فيه النقصان.. شعور مرعب يجعلك أسيراً وضعيفاً ومنطوياً في أحيان كثيرة.. لأنك في حاجة دائمة إلى الالتصاق.. والالتصاق لا يأتي إلا بنقيض يعبئ مساحاتك الفارغة.. والنقيض شبح مخيف! يباغتك حين لا تكون مستعداً للمواجهة والمقاتلة. الاحتياج الروحي أقساه والملموس أصعبه.. وبين هذا وذاك لابد أن تظل الهدى لأنك في كل تجربة أو محاولة قد تخطئ حتى الألم.. قد تئن وتبكي وقد تصمت لحد الخرس الأبدي.. على كل مفرق مبهم تقف عاجزاً تائهاً.. لا أحد يرشدك دون أن يغرس سمومه فيك ولا أحد يأخذ بيدك دون أن ينتظر منك في كل خطوة مقابلاً مجزياً.. يمتص بقاياك.. يتملكك الخوف من المجهول الذي يتربص بأحلامك.. بأقدامك! يأسرك الصوت المخنوق بين حناياك الرطبة! ومع اشراق الشمس المستمر ترفض الاستسلام وتصرّ رغم أن رائحة الإخفاق تشل حواسك وتسد عنك الدلائل وتتابع المسير بلا هدى وبكثير من الحذر! تختلف الاحتياجات والحاجات بيني وبينك أيها العابر من هنا.. نحن لا نتشابه ولكننا قد نتشارك في ذات الحالة، فأنا أبحث عن شمس وأنت تبحث عن ظل وهي تبحث عن وطن وهو يبحث عن ورق! وهكذا تتفاوت المشاعر والطرق والاحتياجات بين ما تريده أنت وأريده أنا وبين ما يفرضه الوقت وما يقرره القدر وبين ما يدبره لك الآخر! الاختلاف الوحيد هو في طريقة الاختيار والحصول! فبعضنا يعرف حاجته ويسير لها بذكاء ومباشرة وبعضنا يعرف حاجته ولا يجد الوسيلة أو المخرج إليها والبعض الآخر وهم الأكثر تعاسة لا يعرف ماذا ومن يحتاج وهذا الأكثر ألماً لأنه يفقد الأهم.. التحديد أو الوجهة.. ماذا يريد ومن يريد! وهؤلاء الضائعون كثر! يسيرون في كل اتجاه يجربون كل الأبواب.. بعضهم هامشيون أكثر لأنهم يجلسون باستمرار على كرسي الانتظار المكسور وما قد يأتي! الاحتياج حالة مربكة تجعلك بين خطين دائماً الهاجس والانتظار.. الهاجس بمعنى أن ذهنك الباطني يظل مشغولاً في تعبئة الفراغات متأملاً المناسب والانتظار يعني نتيجة تجربتك أو محاولتك وكلاهما ضروريان. لماذا نخاف من التفكير فيما نحتاجه؟! هل لأن حاجتنا أصعب من التحقيق! أم لأننا عاجزون أصلاً عن التحقيق! اعتقد أن هذا سؤال صعب يستحق المواجهة مع الذات! وكم منا من لا يستطيع مواجهة ذاته كما هي خوفاً واستسلاماً. لقد واجهت نفسي بما يكفي.. وعرفت ما أريده.. وحاولت ايجاد طريقي.. كنت مناضلة ولكني ما زلت خاسرة.. لست حزينة لذلك لأني راضية عن محاولاتي التي تكبتها مدن الضجر المتزاحمة بتراجيديا المثالية والنزاهة المبطنة تحت سراويل المناطق المحظورة.. مداعبات الأمل تغريني بالصمود.. تفتح لي خطاً مباشراً مع التجريب النيء.. هل جربتم طعم التجارب النيئة! التي تختمر في فم خطواتك قبل أن تقلعها بأطرافك غير المدببة! هي لذيذة برغم ملوحتها! شهية برغم فواصلها! في مهرجانات الادعاء والمكابرة نرقص باستمرار.. نكذب على حتمية الواقع المؤدلج بقناعات غير موثوقة أو موثقة! ننتظر في كل انتهاء كومة النتائج العاجزة عن ابتلاع الهواء الدبق! نفعل ذلك لطبيعتنا البشرية الناقصة! لا خيار لدينا إلا الاستمرار والاستمرار حتى الفناء.. محسوب علي هذا النضال! مسحوت على ظهري بكل أوجاعه وعلاماته! التحدي بالمزيد لا يؤرقني بقدر ما تؤرقني منفضة سجائر الألم التي تنطفئ وتموت على مسامات الحياة في داخلي! وتنتهي بأعقاب رمادية الخطأ.. هالكة النهاية! إلى ماذا أحتاج وكلي فراغات مكمدة بحروف غامضة! هل احتاجه أم احتاجني! هل تكفيني الحاجة والعلم بها! أم تكفيني المحاولات!! صدقاً لا أعرف!! ولكني أتنفس وأجرب وأحاول على طاولة الحياة الرخوة ولو تركت فتاتي عليها! أنا أنثى حرة حتى الرمق.. وسأظل مقيدة على سجل الواقع كما أريد أنا فقط!