02 نوفمبر 2025

تسجيل

فشل القذافي في حسن إدارة الاقتصاد الليبي

03 أبريل 2011

أقل ما يمكن قوله عن السياسية الاقتصادية للعقيد معمر القذافي بأنها فشلت في الاستخدام الأمثل للإمكانات التي تزخر بها ليبيا. حقيقة القول، تزخر ليبيا بالكثير من الموارد الطبيعية خصوصا النفط والغاز الطبيعي. ويعد النفط الليبي من أجود أنواع النفط الخام الأمر الذي ساعد للمحافظة على الطلب عليه حتى أثناء فترات الحصار الاقتصادي. استنادا لآخر الإحصاءات المتوافرة، يبلغ حجم الاحتياطي النفطي الليبي قرابة 44.3 مليار برميل وبالتالي يأتي في المرتبة التاسعة بين أكثر الدول استحواذا للنفط في العالم أي بعد كل من السعودية وكندا وإيران والعراق والكويت وفنزويلا والإمارات وروسيا. إضافة إلى ذلك، تتمتع ليبيا بالمساحة الكبيرة نسبيا حيث تقدر بنحو 1.7 مليون كيلومتر مربع أي المرتبة رقم 17 على مستوى العالم من الحجم. بيد أنه يعيش نحو 6.6 مليون نسمة فقط على هذه الأراضي الشاسعة، لكنهم يتواجدون بكثافة حول المناطق الساحلية الواقعة شمال البلاد. يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الليبي حوالي 90 مليار دولار حسب معيار القوة الشرائية وبالتالي يحتل المرتبة رقم 74 على مستوى العالم. وفي كل الأحوال، لا يزيد هذا الرقم كثيرا عن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الرسمية نظرا لعدم الوجود الفعلي لمعضلة التضخم في الاقتصاد الليبي ربما بسبب سيطرة النظام على مفاصل الاقتصاد. ولكن هذا يعني عدم الاستخدام الصحيح لثروات البلاد حيث من الأفضل ترك الأمور لقوانين العرض والطلب. كما يقل متوسط دخل الفرد في ليبيا عن 14 ألف دولار أمريكي ما يعد رقما غير لافتا قياسيا بثروات البلاد ومحدودية عدد السكان. ولغرض المقارنة فقط، فقد كشف صندوق النقد الدولي بأن متوسط دخل الفرد في قطر مرشح أن يبلغ 100 ألف دولار مع نهاية 2011 أي الأعلى دوليا. لكن رغم محدودية عدد السكان مقابل ثروات البلاد، فقد عانى الاقتصاد الليبي من ظاهرة البطالة في عهد القذافي، حيث بلغت قبل عدة سنوات حد 30 في المائة. لكن انخفض مستوى البطالة في السنوات القليلة على خلفية ارتفاع أسعار النفط الأمر الذي منح السلطات فرصة تعزيز النفقات العامة وبالتالي إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين. كما يعتقد بأن الاقتصاد الليبي يعاني من ظاهرة البطالة المقنعة حيث اشتهر العقيد القذافي بصرف أموال على مشاريع ضخمة مثل النهر العظيم من أجل تحقيق سمعة شخصية. لكن هناك خطرا آخر يهدد البطالة وتحديدا الإحصاءات السكانية، حيث يشكل الذين دون سن الرابعة عشرة نحو ثلث السكان. كما هو الحال مع باقي شعوب العالم، ويتطلع الداخلون الجدد لسوق العمل للحصول على وظائف تتناسب وتطلعاتهم من حيث النوعية والدفع.بصورة إجمالية، يعاني الاقتصاد الليبي من ظاهرة عدم تسجيل نتائج غير لافتة في العديد من المؤشرات الدولية، حيث نال المرتبة رقم 100 من بين 139 بلدا في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 11-2010. ويتميز هذا المؤشر بسمعة عالية بالنظر لجهة الإصدار وتحديدا المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يتخذ من دافوس بسويسرا مقرا له. إضافة إلى ذلك، لا تتمتع ليبيا بترتيب إيجابي على مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية. فقد حلت ليبيا في المرتبة رقم 146 من بين 178 بلدا في تقرير مدركات الفساد للعام 2010 ما يعد أمرا سلبيا ودليلا على وجود نوع من فساد مالي وإداري في المعالات الرسمية.يتم ترتيب الاقتصاديات بالنظر لنتائج 13 استطلاعاً ومسحاً بتنفيذ 10 مؤسسات مستقلة بينها وحدة المعلومات في مجموعة الإيكونومست البريطانية والبنك الدولي ودار الحرية ومؤسسة البصيرة العالمية وبنك التنمية الآسيوي وبنك التنمية الإفريقي. وشملت عمليات الاستطلاع وجهات نظر الخبراء عن الدول المختلفة المقيمين منهم وغير المقيمين فضلا عن رجال الأعمال الأجانب للوقوف على مسألة مدى تقبل السياسيين وموظفي القطاع العام للرشاوى. إضافة إلى ذلك، عانت ليبيا مؤخرا من معضلة استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة بدليل تراجع قيمتها من 4.1 مليار دولار في العام 2008 إلى 2.7 مليار دولار في 2009. على سبيل المقارنة فقط، بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في العام 2009 للسعودية وقطر تحديدا 35.5 مليار دولار و8.7 مليار دولار على التوالي. كشف ذلك تقرير الاستثمار العالمي 2010، ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروف اختصار باسم (الأونكتاد).يشكل الاستثمار الأجنبي مقياسا على وجود ثقة من قبل المستثمرين الأجانب في اقتصاديات الدول الأخرى. تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في مختلف الدول وذلك بالنظر للآفاق المستقبلية لتلك الاقتصاديات.بيد أنه ربما يكون اعتبار أفضل نسبي للجماهيرية عبارة عن تحقيق المرتبة رقم 53 من بين 169 بلدا في تقرير التنمية البشرية للعام 2010 ومصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. من جملة الأمور، تم وضع ليبيا في خانة الدول التي تتمتع بتنمية بشرية مرتفعة لقاء الأداء الإيجابي على معايير المؤشر وهي العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين إضافة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. من جملة الأمور، يتميز تقرير التنمية البشرية باعتماده على ثلاثة متغيرات ما يعني بأنه لا يكفي أن يكون أي بلد متقدما على معيار واحد مثل متوسط الدخل لتحقيق تقدم على حساب الدول الأخرى.في المحصلة، ورغم بقائه فترة مطولة في الحكم بدءا من العام 1969، لم يتمكن القذافي من إدارة اقتصاد البلاد بالشكل الصحيح بدليل عدم قدرة ليبيا على تسجيل نتائج لافتة في العديد من المؤشرات الدولية. مؤكدا، أنه ليس بوسع القذافي الافتخار بتقديم الكثير للشعب الليبي.