14 سبتمبر 2025

تسجيل

جوانب مضيئة في الحرب على غزة

03 يناير 2024

العدو الإسرائيلي يهاجم المهود وأقسام المواليد الخدج في المستشفيات ويقصف المقابر ويجرفها، وبين المهود واللحود يقطع الحياة وأسبابها ويقطع الماء والغذاء وحتى لو يستطيع قطع الهواء سوف يفعل، فيقطع الاكسجين من حضانات الأطفال، ثم يطلق الفوسفور الذي ينفجر في الهواء وتنثر مواد حارقة تستمر في حرق الجسد متى تفاعلت مع الاكسجين. إسرائيل تقتل باستعراضية تريد ان تجعل من الميت عبرة للحي، ومن الجريح عبرة للسليم، هذا قتل يستمر بعد الموت ولا زال اهل غزة صامدين، احد الرجال من غزة يصرح في إحدى الفضائيات بأن هناك ثلاثين شهيدا من عائلته تم دفنهم في الرصيف الأوسط من الشارع، فقد جرف العدو مقابر الناس وحال بينها وبينهم، هذه مذبحة لم يشهدها التاريخ الحديث منذ آلاف السنوات ولا حتى في عام النكبة لم يكن القتل بهذه الوتيرة والوحشية. الجوانب المضيئة احدى هذه الاضاءات العديدة من هذه الحرب انه في حرب عام 1967 بعد ستة أيام من بداية الحرب استشهد حوالي 18 ألف شهيد واستسلمت ثلاثة جيوش عربية على ثلاث جبهات يدعمها الاتحاد السوفيتي وقتها، أما المقاومة وحاضنتها الشعبية بعد ما يقارب من 90 يوماً من القتال وحصار امتد لسبعة عشر عاما وفقدت اكثر من هذا العدد من الشهداء ولكنها لم تستسلم حتى هذا اليوم. ثاني الاضاءات حسب أرقام جيش العدو فإنه خلال خمسة عشر عاماً من القتال في جنوب لبنان بين عامي 1985م و2000م فقد 256 جنديا في المعارك، اما الآن فهو قد خسر اضعافهم في تلك الفترة القصيرة اذا قارناها بتلك السنوات. ثالث هذه الاضاءات انه قد نشرت الصحافة الإسرائيلية ان في صفوفه خمسة الاف جريح منهم ألفان أصيبوا بإعاقة دائمة، وهذه أرقام جيش العدو وتقوم صحافته أيضا إن أرقام المستشفيات تقول اكبر من ارقام الجيش والمعتاد ان في مثل هذه الحروب أن يكون القتل ما بين خُمس الجرحى او ثلثهم، فان صدق العدو ان عدد جرحاه خمسة الاف جريح فقتلاه ما بين الألف والألفين وليس عدة مئات كما يدعي الجيش، وان كان يكذب في عدد جرحاه فهو يكذب في كل شيء حتى في مسماه عندما يسمي جيشه (جيش الدفاع) وهو جيش الاعتداء. ورابع هذه الاضاءات ان المُعلن بان الجيش الإسرائيلي يمتلك 2200 دبابة والصالح منها للقتال قبل الحرب 1750 دبابة واستهدفت المقاومة ما يزيد على 700 دبابة منها أي ثلث مدرعات الجيش تم تدميرها وشطبها من سجلاته من قبل مقاومين يقاتلونه بأسلحة عادية وليست فتاكة. فشل العدو بالأرقام فشل العدو الإسرائيلي حتى الان في تهجير اهل غزة بينما هاجر ما يقارب نصف مليون إسرائيلي منذ بداية الحرب وحتى اليوم ولم يعودوا مرة أخرى، ومئات الآلاف غادروا مستوطناتهم في غلاف غزة والجليل وانتقلوا الى الوسط خوفاً من المقاومتين الفلسطينية واللبنانية. لقد تقلصت إسرائيل جغرافيا وديموغرافيا من الخوف فقط بالمقابل أهل غزة وفي شمالها المحترق لم يهاجروا ولم يتركوا بيوتهم المهدمة والسلاح موجه الى صدورهم، اما الإسرائيليون فهاجروا والسلاح في أيديهم، ولم يفلح كل هذا القصف في تهجير أهل غزة بينما هجرتهم صفارات الإنذار من الخوف ويصح فيهم القول (الموت فينا..... وفيكم الفزع). كسرة أخيرة يقول خبراء عسكريون قياسا على حالات اخرى من الحروب بين جيوش نظامية وقوات فدائية متحصنة في المدن، أن ستة اشهر او سنة لا تكفي لنزع سلاح أي مقاومة، ويقول الرئيس الفرنسي في احد تصريحاته ان عشر سنوات لا تكفي لذلك ونحن نقول ان أربعين سنة من الاحتلال لم تكفهم، العدو احتل غزة أربعين عاما وترعرعت المقاومة رغم الاحتلال، وحاصرت إسرائيل والدول الحليفة لها غزة 17 عاما وشنت عليها خمس حروب فازدادت المقاومة قوة وحسنت سلاحها بالرغم من هذا الحصار، وكل يوم يمر لم تعلن المقاومة فيه استسلامها هو هزيمة للعدو وانتصار لها، بل في كل ساعة تحطم فيها آلية حربية أو دبابة، رغم ان ما فقدناه من أهلنا في غزة أكثر من 20 ألف شهيد و50 ألف جريح اخرين ولكن اذا سألنا من رحلوا عنا: ماذا تطلبون منا؟ الثأر لدمائكم ام نسامح العدو؟ فسوف يختارون الثأر ولو زادت الجراحات والالام، ولا يصبح الغازي غازيا الا اذا كانت قدرته على القتل اكبر من قدرة المعتدى عليه، ولا يتحرر المعتدى عليه الا اذا كانت قدرته على تحمل الألم اكبر من قدرة الغازي، وهذا ما يحدث في الحرب على غزة، لذلك بوادر الانتصار تلوح وسوف تحرر فلسطين كلها بإذن الله واذا احتاج العدو الى نكبة ثانية فهذا يعني انه فشل في النكبة الأولى وأصبح يشعر بالخطر الوجودي.