10 سبتمبر 2025
تسجيلقد قيل: (جاور السعيد تسعد) ! وإنّي لأجدها حقيقة ذات اعتبار.. فما المشاعر إلا عدوى.. تنتشر كما ينتشر العبير وتضوع كما يضوع الشذى.. فالناس تألف من يصاحبها حيناً من الدهر.. وتعتاد الطباع من كثرة الخُلطة والمؤانسة.. وتستلهم مع طباعهم مشاعرهم وردات أفعالهم.. حتى يصبحوا كحقلٍ واحد من الشعور.. فتحّل عليهم الأقدار المتشابهة.. والصروف المتماثلة.. فما أن تجاور سعيداً ممتلئاً بالرضا، غامراً بالحمد والمسرّة حتى تألف طباعه وشعوره، وردّات أفعاله وكلماته، ويُذّكرك ما فيه من الرضا بما أنعمه الله عليك من الفضل، وما قدّره عليك من الابتلاء الذي لن يألو صاحبك جهداً في تذكيرك بأنه خيرٌ من الله مستتر.. فلا تلبث إلا تصيبك عدوى سعادته وجمال روحه.. وعلى نفس القدر من التأثير فإن مجاورة التعساء، الآفلين تُتعسك وتأفل نجمك ! ذلك لأن دوام الصحبة والمخالطة تؤثر فيك من حيث تعلم ولا تعلم، ومهما بلغت مجاهدتك لتقليل أثرها عليك، فإنك لن تستطيع أن تبلغ تحييد الأثر، لأنه قد تعدى الظاهر إلى الباطن، إلى طبيعة الفكر والشعور. ولذلك فليس من المستغرب أن يُقال تخيّر لنفسك ما يليق بمقامها، لأن الصحبة انتقاء، والرفقة اصطفاء، ومن الحكمة أن نتعمّد الاختيار لمن نريد أن نكون أشباههم في الفكر والشعور والسلوك، وبما أن الطيور على أشكالها تقع، فاجعل الشكل الذي يرضيك هدفاً تطلبه. وإن لم تجد في من حولك من يسرّ خاطرك ويُشبع طموحك فاخرج عن ما ألفته من دوائر المعارف، ووسع دائرتك حتى تجد أشباهك، ومن تريد أن تكون على شاكلتهم في طيب الخلق والتوفيق والنجاح والفلاح والسعادة والطموح، حتى تعيش حياة تشبهك، وتحيط نفسك بمن يرفعك ويسمو بك لا من يُسقط بك إلى مهاوي الردى، وقيعان الهلاك ! *لحظة إدراك: قد قيل: (وجالس جميل الروح، تُصبك عدوى جماله) فما العلاقات إلا عدوى نُصاب بها، فانتقِ منها لنفسك ما تريد أن تكون عليه، و تُشرّفك صحبته، وتأنس برفقته، من يُصبك بعدوى جمال روحه، وطيب أخلاقه.